نيويورك تايمز :حركة الشباب المجاهدين حرمت الرشاوى والمخدرات والموسيقى، وهو ما يحظى بقبول أغلب الصوماليين:

بوآلي (شهادة) – في مقالتها التي نشرتها بعنوان “بلاد آبائي في قبضة الشباب” عرضت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، شهادة لأسد حسين، يروي فيها تفاصيل سفره في الولايات الإسلامية الخاضعة لسيطرة حركة الشباب المجاهدين في الصومال.

 

ويقول حسين متحدثا عن رحلته التي انطلقت من كينيا باتجاه العاصمة الصومالية مقديشو :”ركبت في شاحنة قديمة متربة في مخيم اللاجئين “داداب” الذي يقع في الصحراء الكينية شرقا، حوالي 50 ميلا من الحدود مع الصومال”.

 

وحسب حسين فإن تكاليف السفر الذي تقاسمه مع أربعة نساء وثمانية رجال كلفت كل راكب منهم 60 دولارا.

 

قرار السفر

حسين الذي يبلغ من العمر 22 سنة ولد من أبوين صوماليين يعيشان في مخيم داداب للاجئين الذي يضم ربع مليون لاجئ معظمهم صوماليون قد فروا من الحرب الأهلية التي عرفتها الصومال عام1991،ولم يكن يعرف شيئا عن ماضي والده في الصومال، لأنه ولد في المخيم ونشأ فيه، وحينما قرر الوالد اللاجئ للمرة الأولى أن يحدث ابنه عن مسقط رأسه وطفولته،مدينة “لوق” جنوب غرب الصومال وعن مقديشو التي عمل فيها كجندي في فترة السبعينيات، تشوق الابن لزيارة موطن أبيه.

 

وفي الوقت الذي سافر فيه والدا حسين للالتحاق بأخته التي تعيش في الولايات المتحدة، قرر هو أن يستغل الفرصة لزيارة بلاد أبائه “الصومال” لاكتشافها.

 

أول لقاء مع حركة الشباب المجاهدين

وفي حديث حسين عن لحظة وصوله لمناطق سيطرة حركة الشباب التي عرفها من خلال راية التوحيد السوداء على مدخل قرية”شيباح”، أشار إلى أنهم توقفوا لدفع رسوم الدخول وحصلوا على وصل استلام بذلك، وهو الوصل الذي  يسمح للمسافر بالتحرك في أراضي الولايات الإسلامية دون الحاجة للدفع مرة أخرى، كما يضمن له السفر الآمن طيلة فترة سفره.

 

وصل حسين إلى مدينة “ورها دوبلي” عصرا، فجذبه منظر الناس الذي نشاهدهم ينطلقون جموعا للمساجد  لأداء صلاة العصر، وتفاجأ أكثر بصاحبة المطعم التي رفضت أن تخدمه في وقت الصلاة كون أن عليه التواجد في المسجد لأداء فرضه. وحين علم شيخ الحسبة أنه مسافر، طلب من صاحبة المطعم خدمته بنبرة لطيفة.

 

النظام والأمن

وصف حسين المقر المتميز باللون الأزرق المخصص لدفع الرسوم، كما شرح كيف طلب منهم ملأ استمارات تحمل تفاصيل الاسم وعنوان السائق ومالك الشاحنة ونقطة الانطلاق والوجهة وكمية الأمتعة وعدد المسافرين وتسعيرة السفر، بعد ذلك تم تقييم تكلفة الرسوم بـ 230 دولار للشاحنةالتي تحمل البضائع.

 

وأشار حسين إلى أن أغلب السائقين يفضلون الطرق التي تديرها حركة الشباب من تلك التي تديرها الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، ذلك لأنهم شاهدوا الجنود الحكوميين فاسدين وطماعين لدرجة يطلق عليهم الشعب الصومالي كنية: “علي عوس”، أو “علي المترهل”.

 

وأوضح حسين أن الرحلة في داخل أراضي الولايات الإسلامية،  تتسم بنوع من النظام يسمح لك أن تعلم ما ينتظرك وكم ستدفع في بلاد قد تعطلت فيها جميع المؤسسات  ونخر الفساد في كل شيء، إلا أن حركة الشباب حرمت الرشاوى والقات والتدخين والموسيقى، وهو ما يحظى بقبول أغلب الصوماليين.

 

وأضاف حسين: “حتى لو لم يطبقوا هذه القوانين ، في الحقيقة، أنت تشتري سلامتك بحريتك”.

 

وسلط حسين الضوء على إجراءات التفتيش عند نقاط المرور كالتي وقف عندها في بوآلي حيث خضع الجميع للتفتيش من قبل جنود حركة الشباب الذين يلبسون زيا عسكريا موحدا، وقد أخذ حسين حذره قبل ذلك حين علم أن عليه تفادي لبس ملابس “الجينز” الضيقة التي تصف الجسد، وأن يتفادى قصات الشعر الملفتة وأن لا يحمل الهواتف الذكية.

 

وخلال مغادرته لأراضي الولايات الإسلامية انتبه حسين للإذاعة التابعة لحركة الشباب المجاهدين وإلى برامجها التي تذيعها والتي كانت تتناول الحديث عن الإيمان والبلاد التي تحتلها القوات الغازية ودور المجاهدين في تحريرها.

 

من دائرة الأمن إلى دائرة الخوف

وعندما لمح حسين مدينة “أفغوي”وهي أول مدينة تقابل المغادرين من الولايات الإسلامية باتجاه مقديشو العاصمة، شد حسين منظر القوات البورندية التابعة لبعثة الاتحاد الإفريقي، يمسحون الشوارع ، يرافقهم فتيان صوماليون مسلحون قيل له أنهم من قوات الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب.

 

وتذكر حينها حسين أنه يمكنه بالتأكيد الآن أن يستعمل هاتفه الذكي ويستمع للموسيقى بكل حرية، لكنه استدرك قائلا ” ولكنني لم أكن متأكدا أنني بأمان” على غرار الأمان الذي كان يحظى به في مناطق حركة الشباب المجاهدين.