مع الاتفاق البحري الصومالي، تركيا تتجه إلى منطقة استراتيجية ولكنها متقلبة

يضع اتفاق بحري بين تركيا والصومال البحرية التركية في منطقة حيوية استراتيجيا، مما يؤكد طموحات أنقرة المتزايدة في البحر. لكن محللين يحذرون من أن الاتفاق يهدد بتصعيد التوترات مع إثيوبيا جارة الصومال. بحسب مقال على موقع راديو فرنسا الدولي.

وبموجب اتفاقية دفاع مدتها عشر سنوات تم التصديق عليها في وقت سابق من هذا الشهر، ستساعد البحرية التركية في حماية المياه الإقليمية الصومالية وتسهيل التدريب والمعدات للبحرية الصومالية.

والاتفاق هو أحدث خطوة في علاقة أنقرة العميقة مع مقديشو.

“ليس هذا هو موقع أكبر قاعدة عسكرية دولية في تركيا فحسب، بل هو أيضا موقع أكبر سفارة لتركيا في العالم”، بحسبما يوضح نورمان ريكليفز، رئيس مجموعة الاستشارات متعددة الجنسيات ناميا.

ويقول: “هذا يدل على الأهمية التي توليها تركيا للصومال، وإعادة بناء الصومال كدولة رئيسية في القرن الأفريقي، وجعل نجاح الصومال في المستقبل جزءا من الأهداف الاستراتيجية الأوسع لتركيا في شرق إفريقيا في منطقة البحر الأحمر”.

كما وقعت تركيا اتفاقا للتنقيب عن الطاقة مع الصومال هذا الشهر. ويعتقد أن الدولة الواقعة في شرق أفريقيا لديها احتياطيات كبيرة من النفط والغاز على اليابسة وداخل مياهها الإقليمية. بحسب المقال.

بحرية المياه الزرقاء

 

ويرى الخبراء أن تعميق العلاقات مع الصومال جزء من المنافسة الدولية المتزايدة على النفوذ في هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية.

“سيوفر هذا لتركيا فرصة لزيادة نفوذها في القرن الأفريقي”، كما يقول إيليم آيريس تيبيكلي أوغلو، أستاذ مشارك في الدراسات الأفريقية في جامعة العلوم الاجتماعية في أنقرة.

“لأن كل تلك الدول الخارجية – دول الخليج والدول الغربية … حتى اليابان – لديها قواعد في جيبوتي، تتنافس جميعها لزيادة تنميتها في المنطقة، خاصة لأغراض اقتصادية. لذلك هذه أيضا فرصة لتركيا”.

ويأتي الاتفاق الصومالي في الوقت الذي توسع فيه أنقرة بسرعة ما يسمى بقدرات “المياه الزرقاء” في قواتها البحرية – القدرة على العمل في المحيطات المفتوحة، بعيدا عن موانئ البلاد.

وبنت تركيا أسطولا من سفن أبحاث الطاقة وقوة بحرية متنامية.

“يركز التوسع البحري على إبراز القدرة العسكرية التركية في المجال البحري – سواء في حماية مناطقها الاقتصادية الخالصة أو مياهها ، مع مساعدة حلفائها وشركائها على فعل الشيء نفسه”، بحسبما يوضح سين أوزكاراشاهين، محلل دفاعي مستقل.

ويواجه الصومال تهديدا متزايدا بالقرصنة”.

التوترات مع إثيوبيا

 

وتأتي العلاقات العسكرية العميقة بين تركيا والصومال في الوقت الذي تواجه فيه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي توترا مع جارتها إثيوبيا.

وفي يناير كانون الثاني أثارت إثيوبيا غضب الصومال بتوقيعها اتفاقا مع إقليم صومالي لاند الانفصالي مما منح أديس أبابا منفذا بحريا طال انتظاره.

لكن محمد أوزكان من جامعة الدفاع الوطني التركية يقول إن أنقرة في وضع جيد لاحتواء أي تداعيات نظرا لعلاقاتها مع إثيوبيا.

ويقول: “التعاون العسكري والتعاون الشخصي والعلاقة الشخصية بين القادة – أعتقد أن العلاقات جيدة جدا”.

وأضاف “لأن الجميع في المنطقة يبحثون عن تعاون أمني والأمر نفسه بالنسبة لإثيوبيا… تركيا هي مزود أمني لإثيوبيا أيضا”.

“دبلوماسية الطائرات بدون طيار”

 

مع استخدام الطائرات العسكرية بدون طيار التركية الصنع على نطاق واسع من قبل الجيشين الإثيوبي والصومالي في حروبهما الداخلية، كان لما يسمى بـ “دبلوماسية الطائرات بدون طيار” في أنقرة دورا أساسيا في موازنة علاقاتها مع المنافسين. بحسب المقال.

ويوضح المحلل ريكليفس أن “تركيا ربما زودت الصومال ببعض الطائرات بدون طيار – التي يشغلها مشغلون أتراك وليس صوماليون – لكنها كانت مفيدة في الصراع ضد حركة الشباب المجاهدين”.

“أعلم أن تركيا لديها علاقة جيدة مع إثيوبيا. لديها علاقة جيدة مع الصومال”.

ومع ذلك، يحذر الخبير في الشؤون الأفريقية آيريس تيبيكلي أوغلو من أنه نظرا لتقلبات المنطقة، ستظل أنقرة بحاجة إلى السير بحذر.

“على المدى الطويل، قد يؤدي هذا إلى تورط تركيا في الصراعات الإقليمية. هذا ما كانت تركيا تحاول تجنبه في سياستها الأفريقية: فهي لا تريد أن تكون جزءا من الصراعات الأفريقية، ولكن قد يتم جرها إليها”.

وبينما توسع تركيا نفوذها في واحدة من أكثر المناطق تقلبا في العالم، يشير المحللون إلى أن أنقرة ستحتاج إلى تحسين مهاراتها في التوازن الدبلوماسي. بحسب المقال.