معهد واشنطن: الدعم العسكري الإماراتي يحدث فرقا في الصومال
نشر عيدو ليفي مقالا بعنوان “الدعم العسكري الإماراتي يحدث فرقا في الصومال” حيث نشره موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وعيدو ليفي هو زميل مشارك في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يركز على مكافحة ما يسمى الإرهاب والعمليات العسكرية، لا سيما فيما يتعلق بالجماعات الجهادية. بحسب تعريف المعهد.
وبحسب الكاتب، إن الحفاظ على دور الإمارات ومزامنته مع جهود تركيا وقطر يمكن أن يكون مضاعفا للقوة لهجوم الحكومة الصومالية ضد حركة الشباب المجاهدين.
فقد بدأت الإمارات مؤخرا بخفض تمويلها للعديد من ألوية الجيش الصومالي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الإحباط من زيادة الأنشطة التركية والقطرية المستمرة في البلاد. ويبدو أن الدافع الخاص كان اتفاقا دفاعيا ثنائيا يلزم تركيا بتوسيع دعمها العسكري للجيش الصومالي، وبدء المساعدة للبحرية الصومالية، والمساعدة في القيام بدوريات على ساحل البلاد – وهي صفقة من المحتمل أن تكون الإمارات نفسها تطمح إليها. علاوة على ذلك، واصلت قطر تقديم دعم مالي وعسكري كبير للحكومة الصومالية، وهو تمويل كانت الإمارات نفسها تأمل في استبداله بالتوازي مع دعمها المتزايد في نهاية المطاف للجيش الصومالي.
وبحسب الكاتب، يأتي الاتفاق التركي الصومالي في أعقاب اتفاق كبير في يناير يسمح لإثيوبيا بتشغيل ميناء بربرة الذي تم تجديده في منطقة صومالي لاند الانفصالية لأغراض تجارية وعسكرية. وأثارت هذه الصفقة قلق مقديشو التي تنازع استقلال صومالي لاند. وعلى الرغم من عدم اعتراف أي دولة عضو في الأمم المتحدة حاليا باستقلال الإقليم، إلا أن إثيوبيا أشارت إلى أنها ستكسر هذا الحاجز مقابل ترتيب الميناء. وحذرت الحكومة الصومالية من أنها “مستعدة لحرب” لمنع مثل هذه النتيجة، وقام الرئيس حسن شيخ محمود في وقت لاحق برحلات مكوكية إلى إريتريا ومصر وقطر لحشد الدعم الدبلوماسي لقضيته. على حد تعبير الكاتب.
ومع ذلك، جاء التخفيض بمثابة مفاجأة وسط تجدد الدعم العسكري الإماراتي للقوات الفيدرالية الصومالية بعد عودة حسن شيخ إلى السلطة، الذي حافظ على علاقات وثيقة مع الإمارات.
وأشار الكاتب إلى هجوم الحكومة الصومالية على مناطق سيطرة حركة الشباب المجاهدين منذ آب/أغسطس 2022، حيث تطبق الشريعة الإسلامية في مساحات شاسعة من جنوب ووسط الصومال. وهو الهجوم الذي تم بقيادة لواء دناب النخبوي الذي دربته الولايات المتحدة، بدعم جوي أمريكي وتركي. والذي أعقبه إعلان الحكومة عن المرحلة الثانية من هجومها التي لم تبدأ بعد، لأسباب تشمل عدم القدرة على الاحتفاظ بالأراضي التي تسيطر عليها القوات الحكومية مؤخرا و الفشل في نشر قوات كافية.
وبحسب الكاتب إن سحب القوات من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس)، التي يبلغ عددها 15000 والمقرر أن تغادر بالكامل بحلول نهاية عام 2024 ، يجعل المشكلة أكثر إلحاحا. منذ عام 2007، لعبت حركة أتميس وسلفها، بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)، دورا لا غنى عنه في استعادة مقديشو وكيسمايو وغيرهما من المراكز السكانية الرئيسية من حركة الشباب المجاهدين والاحتفاظ بها. وقد أظهرت القوات الممولة من الإمارات أنها واعدة كبديل لقوات أتميس المغادرة. على حد تعبير الكاتب.
تزايد التدخل العسكري الإماراتي في الصومال
يعود التدخل الإماراتي في الحرب الأهلية الصومالية التي استمرت عقودا إلى الفترة 1993-94، عندما ساهمت الإمارات بقوات في عمليات الأمم المتحدة الإنسانية وعمليات ما يسمى حفظ السلام. في عام 2010، عاد المستشارون الإماراتيون للإشراف على إنشاء قوة الشرطة البحرية في بونتلاند، التي تأسست لمكافحة القرصنة المتزايدة وتمولها أبو ظبي سنويا بحوالي 50 مليون دولار. وعندما هدأ تهديد القرصنة، انتقلت قوات الشرطة الشعبية بشكل فعال إلى مهمة ما يسمى مكافحة الإرهاب، لكنها مهمة جاءت في نهاية المطاف على حساب مهمتها الأصلية، مع عودة القرصنة إلى الظهور قبالة بونتلاند منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، في حين استمر الصيد غير القانوني المتفشي وتهريب الأسلحة الإيرانية بلا هوادة. بحسب الكاتب.
ومنذ عام 2010، طورت الإمارات قاعدة كبيرة لقوات الحشد الشعبي في بوساسو وزادت من وجودها الإجمالي في الصومال إلى ما يصل إلى 180 جنديا. وعلاوة على ذلك، فإن المخاوف من أن تصبح الجبهة الشعبية أداة سياسية ضارة لإدارة بونتلاند قد ثبت أنها مبالغ فيها في الغالب. وقد شاركت القوة بشكل دوري في نزاعات سياسية، لكن الإمارات قيدتها في مناسبات مهمة مثل الانتقال الرئاسي عام 2014 والاشتباكات بين صومالي لاند وبونتلاند في عام 2018. وإلى جانب القواعد الرئيسية في بربرة وصوماليلاند وعصب في إريتريا – التي استخدمتها في العمليات ضد الحوثيين في اليمن – عزز موطئ قدم الإمارات في بوساسو وجودها في البحر الأحمر ليس فقط لتسهيل العمليات في اليمن ولكن أيضا لمواجهة التهريب الإيراني بسهولة أكبر. بحسب الكاتب.
علاوة على ذلك، بدأت الإمارات في عام 2014 تدريب ودفع رواتب الآلاف من الطلاب الصوماليين. أنهى خلاف عام 2018 مع إدارة الرئيس محمد عبد الله “فرماجو” محمد المهمة، لكن تدريب الإمارات لطلاب الجيش الصومالي استؤنف عندما عاد حسن شيخ إلى السلطة في عام 2022. وقامت حركة الشباب المجاهدين، بتجنيد طالب سابق في الجيش الصومالي لضرب معسكر الجنرال غوردون في مقديشو، مما أسفر عن مقتل أربعة ضباط إماراتيين وضابط بحريني من كبار الضباط.
منذ صيف عام 2023 على الأقل، شنت الإمارات غارات بطائرات بدون طيار وقدمت المركبات والتدريب لقوات ولاية جوبالاند، التي يحتفظ زعيمها منذ فترة طويلة، أحمد محمد إسلام، بعلاقات وثيقة مع أبو ظبي. ومن المرجح أن تقوم الإمارات الآن ببناء قاعدة أخرى بالقرب من عاصمة جوبالاند، كيسمايو. بحسب الكاتب.
وبالتوازي مع ذلك، استثمرت الإمارات في المساعدة على إنشاء وحدة شرطة عسكرية اتحادية جديدة والعديد من ألوية الجيش، بعد أن قدمت – حتى وقت قريب – التمويل لـ 10,000 فرد، مع تدريب وحدة الشرطة العسكرية التي يتراوح عدد أفرادها بين 3,500 و4,500 شخص في أوغندا، وقام الباقون بتشكيل ألوية جديدة من الجيش النظامي، وقاموا بذلك في إثيوبيا ومصر. أعادت الإمارات بانتظام تدريب الجنود المنتشرين في معسكر غوردون وقدمت حوالي 9 ملايين دولار شهريا لدفع رواتب الألوية الجديدة.
وانتقلت بعض الألوية الجديدة إلى ضواحي العاصمة وستشكل عنصرا رئيسيا في حملة الحكومة المستمرة. ووفقا لمستشار رئاسي، فإن الدعم الإماراتي لهذه القوات هو أحد العناصر في حملة أكبر لتوليد 30,000 عسكري و40,000 شرطي و8,500 من قوات حراسة السجون لتحل محل أتميس وتدعم حملة الحكومة. بحسب الكاتب.
نموذج تدريبي إماراتي فعال
وقد فشلت جهود التدريب الموازية التي بذلتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وبريطانيا بشكل عام لأن معظم ألوية الجيش الوطني الصومالي هي، في الواقع، ميليشيات عشائرية تدين بالفضل لمصالح شيوخها. ونتيجة لذلك، سعت وحدات الجيش الوطني الصومالي – بغض النظر عن جودة تدريبها – إلى تحقيق مصالح عشائرية في الغالب وأثبتت عدم فعاليتها في محاربة حركة الشباب المجاهدين لا سيما خارج أراضيها. وإلى جانب لواء دناب، فإن قوات جرجر الخاصة التي دربتها تركيا هي وحدها القادرة حقا على القيام بعمليات هجومية، لكن تركيا لم تتخذ خطوات كافية لحمايتها من سوء الاستخدام السياسي. وفي حالة دناب، تحايلت الولايات المتحدة على هذه المشكلة من خلال تجنيد طلاب من مجموعة متنوعة من العشائر، وإنشاء نظام قيادة وتحكم معزول عن السياسة، وضمان دفع رواتبهم في الوقت المحدد، وتدريب الطلاب الذين تم فحصهم بعناية بشكل منفصل عن القوات النظامية. بحسب الكاتب.
وقد نفذت الإمارات تدابير مماثلة للوحدات التي تدربها، بما في ذلك عن طريق الحفاظ عمدا على تمثيل متعدد العشائر بين المتدربين. كما أنه يسمي قدامى المحاربين لقيادة الوحدات ويراقب الوحدات الجديدة من خلال برنامج إعادة التدريب المستمر في معسكر جوردون. وأخيرا، فإنه يوفر مرتبات في الوقت المحدد بنحو ضعف معدل نظام الجيش الوطني العادي. بحسب الكاتب
تداعيات الأزمة الحالية
تعد القوات التي دربتها الإمارات حاليا البديل الواعد لوجود “أتميس”، ويهدد سحب الدعم الإماراتي بعرقلة حملة الحكومة ضد حركة الشباب المجاهدين. ويقينا، لدى الإمارات سبب كاف لاستئناف مستويات تمويلها السابقة للجيش الصومالي. حيث يرى الكاتب أن حركة الشباب تدير أنشطة تمويل داخل الإمارات، وتستهدف عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية بانتظام الأفراد والشركات التي تتخذ من الإمارات مقرا لها والتي لها صلات بالجماعة الجهادية الصومالية. وهو أمر نفته الحركة في بيان حديث لها.
ويرى الكاتب أن الروابط الوثيقة لحركة الشباب المجاهدين بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، يدفع بالدور الإماراتي الذي يعتبر القاعدة عدوا لدودا له.
ويحث الكاتب المعجب بالدور الإماراتي على إقناع أبو ظبي وراء الكواليس باستئناف مستوياتها السابقة من تمويل “الجيش الصومالي”، ويرى أن على واشنطن استخدام علاقاتها الجيدة مع الخصوم الثلاثة في الشرق الأوسط في الصومال لتشجيع تنسيق الجهود. وفي نهاية المطاف، تساعد الإمارات وتركيا وقطر “الجيش الوطني الصومالي” بطرق إيجابية. ويمكن لآلية تنسيق قوية، ربما مركز عمليات مشترك تديره الولايات المتحدة، أن تساعد في جعل مساهمات كل منها أكبر من مجموع أجزائها. ويمكن لمثل هذه المؤسسة أيضا أن تزيد من الشفافية بين الدول الثلاث مع التخفيف من خطر أن يؤدي تنافسها الجيوسياسي إلى تعريض المعركة ضد حركة الشباب المجاهدين للخطر.