مراقبون أمريكيون: السياسة الأمريكية في الصومال فاشلة والهجمات الأمريكية لم تقض على حركة الشباب ويجب إيقاف الحرب فورًا وبحث الوسائل السياسية
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
وجّه مراقبون أمريكيون انتقادات لاذعة لسياسة الإدارة الأمريكية في الصومال التي وصفوها بالـفاشلة في وقت عجزت فيه الهجمات الأمريكية المكثفة في القضاء على حركة الشباب المجاهدين، كما طالبوا بضرورة مراجعة السياسة الأمريكية في بلد القرن الإفريقي وإعلان إنهاء فوري للحرب هناك والبحث بدلًا من ذلك عن الوسائل السياسية المناسبة لإنهاء الصراع.
تصعيد الهجمات وشكوك حول صحة الأهداف
وقد نشرت الكاتبة صوفي واينر مقالة على موقع “سبلينتر” تنتقد فيها سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخارجية بشأن القصوفات في كل أنحاء العالم وخاصة في الصومال.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن عن سحب قواتها من سوريا وأفغانستان، صعّدت بالمقابل من عدد هجماتها في الصومال.
وأوضحت واينر أنه في حين يبدو ظاهريًا أن الهجمات الأمريكية تستهدف حركة الشباب المجاهدين وتزعم الإدارة الأمريكية في نفس الوقت أن القتلى جميعهم من صفوف المقاتلين في الحركة، فإن هذا ليس دليلًا قاطعًا على صحة الإدعاءات الأمريكية.
كما أكدت الكاتبة على أن ما هو متفق عليه هو أن الغارات الجوية الأمريكية تزيد الوضع سوءًا على الأرض بالنسبة للمدنيين وتشرّد بسببها الملايين ودمّرت سبل عيشهم وفق ما أعلنت الأمم المتحدة.
من جانبه قال مايكل كيتنغ، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال في تقرير له: ” إنما يدفع المدنيون في نهاية المطاف ثمن الفشل في حل النزاع في الصومال عن طريق الوسائل السياسية”. وأضاف: “ببساطة لا نسعى بجدية لحماية المدنيين من العنف وهذا أمر مخزي”.
وسلطت المقالة الضوء على الحظر الذي قرره ترامب وأيدته المحكمة العليا العام الماضي على الصوماليين بمنعهم من السفر للولايات المتحدة تزامنًا مع زيادة أعداد اللاجئين الصوماليين بسبب القصوفات الأمريكية.
فشل متواصل في السياسة الخارجية
وعلى غرار واينر اعتبرت بوني كريستيان وهي عضو زميل في أولويات الدفاع ومديرة تحرير صحيفة “ذي ويك” الأسبوعية وكاتبة مشهورة في الصحف الأمريكية، اعتبرت التصعيد الأمريكي في الصومال دليل فشل في السياسة الخارجية لواشنطن بحسب مقالة نشرتها على موقع “ريزن”.
وقالت بوني:” ففي الوقت الذي وضعت فيه إدارة ترامب خططًا مدروسة للحد من التدخل العسكري الأمريكي في كل من سوريا وأفغانستان، صعّدت في ذات الوقت من هجماتها في الصومال”. حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن عدد الغارات الجوية الأمريكية في دولة شرق إفريقيا تصاعد بشكل ملحوظ وأن هذا الارتفاع في وتيرة القصف تسبب في زيادة أعداد المدنيين النازحين وكل المشاكل والاضطرابات المرافقة لآثار هذه القصوفات.
ووصفت بوني ما يجري في الصومال بـ “فشل متواصل في السياسة الخارجية”.
واستشهدت الكاتبة بأخطاء الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي على طول العقدين الأخيرين من الزمن لم تكشف سوى عن فشل السياسة الأمريكية هناك.
وأوضحت بوني أن الحروب السرية تأتي بعواقب غير محمودة، وأكدت على أنه بدل الاستمرار في مستنقع هذه الحروب يجب إيقاف التدخل العسكري الأمريكي في الصومال قبل أن يتحول إلى صراع أجيال آخر لا داعي له.
انعدام المسائلة واعتماد سياسة التكتيم
وسلطت بوني الضوء على الارتفاع الكبير لعدد الضربات الجوية التي نفذتها إدارة ترامب في الصومال مقارنة مع الإدارات الأمريكية السابقة، إضافة إلى ضعف معايير المساءلة والشفافية خاصة بشأن قرار ترامب لعام 2017 الذي قضى بتصنيف الصومال كـ “منطقة للأعمال العدائية النشطة” ورفع القيود التي تضبط الضربات الجوية، وأضاف لذلك في الأيام الماضية، إلغاء سياسة الإعلان عن الغارات الأمريكية بالطائرات بدون طيار في الصومال مما يجعل من الصعب إجراء تقييم مستقل لعدد القتلى في الضربات الأمريكية في ظل هذا التكتيم.
فأفريكوم (القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا) تعلن عن كل هدف لضرباتها التي تنفذها في الصومال على أنه لمقاتلين من حركة الشباب. وفي عهد باراك أوباما كان يصنف – بدون تروي- جميع الذكور في سن الخدمة العسكرية الذين يقتلون في الضربات الجوية كمقاتلين دون توفر معلومات استخباراتية دقيقة تؤكد هذه المزاعم.
وقالت بوني: “في الواقع نحن لا نحيط علمًا بما يجري كما أننا لا نمتك الوسائل التي تمكننا من إجراء التحقيقات واكتشاف الحقيقة، ذلك أن هذه الحرب يتم خوضها في الظلام”.
حقيقة التدخل الأمريكي في الصومال
كما سلطت بوني الضوء على حقيقة التدخل الأمريكي في الصومال الذي يعتبر بشكل كامل مشروعًا للسلطة التنفيذية لم يصرح به الكونغرس أبدًا وفقًا لما يقتضيه الدستور كما لم يُظهر الكونغرس أي إشارة عن رغبته في مراجعة إلزامية الصراع أو قيمته أو مناسبته حاليا.
وخلصت بوني إلى أنه وفي ضوء هذه المعطيات أصبح لدينا “حربًا واسعة النطاق” تعتمد على “الطيار الآلي”، كما وصفتها بريتاني براون، المديرة السابقة للشؤون الإفريقية في مجلس الأمن القومي بإدارة ترامب، في حديث لها لصحيفة التايمز موضحة أن هذه الحرب “لا زالت في ازدياد”.
وأوضحت بوني أن الهجمات الأمريكية لم تقض على حركة الشباب، ولم تجعل أمريكا أكثر أمانًا بشكل أكيد. وخلصت إلى أن قيمة “الحل” العسكري الأمريكي مشكوك فيها حقًا فيما يخص التعامل مع الجماعة الخطيرة “حركة الشباب”.
تحويل التمويل من سوريا وأفغانستان للصومال
كما اعتبرت الكاتبة اقتراح السفير الأمريكي السابق في الصومال “ستيفن شوارتز” الذي خدم إدارتي واشنطن الأخيرتين، مثيرًا للقلق بشكل كبير، حيث قال شوارتز: “لقد استعدنا جهود مكافحة “الإرهاب” في الصومال، والآن نمتلك المزيد من الموارد لذلك ضاعفنا من نشاطنا هناك”. في إشارة إلى تحويل الموارد من سوريا وأفغانستان للقوى العسكرية الأمريكية في الساحة الصومالية. وأضاف: “قد تكون هناك استراتيجية مدروسة وراء كل هذا، لكنني أشك في ذلك”.
وبحسب المراقبين فقد ربط العديد من المسؤولين السابقين في الولايات المتحدة عمليات سحب القوات الأمريكية من الشرق الأوسط وأفغانستان بتكثيف التدخل الأمريكي في الصومال وزيادة التركيز عليه.
ووصفت الكاتبة إدمان واشنطن على الصراع المستمر الذي لا نهاية له، كسبب لرفضها استراتيجية الحكمة وضبط النفس في الانتقال مباشرة من حالة “وضع نهاية لحرب” إلى “إطالة أمد حرب أخرى”.
البنتاغون ينفي تسريبات صحفية
ويجدر الذكر أن وكالة “إن بي سي نيوز” الأمريكية سلطت الضوء في بداية هذا العام على اتجاه جديد في سياسة إدارة ترامب في الصومال. حيث نقلت قول مسؤول لم تكشف عن هويته يتساءل معترضا: “هل علينا أن نقوم بوظيفة الحكومة الصومالية التي يفترض أن تقوم بها؟” وهو ما يتوافق والانتقادات التي وجهت لترامب الذي جعل من الولايات المتحدة “شرطي العالم”، لكن وزارة الدفاع نفت على الفور أي خبر يتحدث عن تحول في الصومال، ومنذ ذلك النفي استمر التصعيد بشكل لافت.
خطأ فادح وجب استدراكه
وقالت بوني: “هذا خطا، بل يجب العمل بشكل معاكس تمامًا للالتزام المضاعف بحرب لا تنتهي”. وأضافت: “فإن التدخل العسكري الأمريكي في الصومال يؤدي إلى تفاقم الاضطراب السياسي دون تحقيق الأمن المرجو للشعبين الأمريكي والصومالي”.
وخلصت بوني لقول: “هذه ليست معركتنا ويجب أن نتوقف عن خوضها”.
ويجدر الإشارة إلى أن إدارة ترامب تواجه انتقادات واسعة بشأن إدارتها لمختلف الملفات الشائكة على رأسها إدارتها للملفات الخارجية وهو ما يهدد إمكانية تجديد الرئيس الأمريكي لفترته الرئاسية المقبلة مع تزايد الأصوات المعارضة له.