كل سكان شمال غزة معرضون لخطر الموت بينما شجع تقصير المنظمات الدولية الاحتلال على التمادي بمجازره
قالت مسؤولة أممية يوم السبت، إن “ما تفعله القوات الإسرائيلية في شمال غزة المحاصر لا يمكن السماح باستمراره” وإن “كل سكان شمال غزة معرضون لخطر الموت”.
القائمة بأعمال وكيل أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، قالت في بيان صحفي، إن مئات الفلسطينيين قتلوا، فيما أجبر عشرات الآلاف على الفرار مرة أخرى، على ما تفيد به التقارير.
وأضافت أن “المستشفيات قُصفت والعاملين في المجال الطبي اُحتجزوا، وأماكن الإيواء أُخليت وأُحرقت، والمسعفين مُنعوا من إنقاذ الناس من تحت الأنقاض، والأسر فُصلت عن بعضها، والرجال والفتيان يُؤخذون بعيدا مكدسين في الشاحنات”.
وكان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، قال في بيان صحفي، الجمعة، إن أحلك لحظات الصراع في غزة تتكشف في شمال القطاع.
وأضاف أن “الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم بشكل لا يمكن تصوره. سياسات الحكومة الإسرائيلية وممارساتها في شمال غزة تهدد بإفراغ المنطقة من جميع الفلسطينيين”.
ووجه مناشدة إلى قادة العالم قائلا: “أذكركم بمسؤوليتكم لضمان احترام القانون الدولي الإنساني كما هو منصوص عليه في اتفاقيات جنيف. فهذه قواعد مقبولة ومُلزمة عالميا وُضِعَت للحفاظ على الحد الأدنى من الإنسانية. أناشدكم أن تضعوا حماية المدنيين وحقوق الإنسان في المقام الأول”.
بدوره حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، السبت، من أن الوضع “كارثي” في شمال قطاع غزة الذي دمرته الحرب، مع “عمليات عسكرية كثيفة تحصل داخل مؤسسات صحية وحولها”.
وقال، تيدروس أدهانوم غبرييسوس، في منشور على أكس إن “الوضع في شمال غزة كارثي”، لافتا إلى أن “نقصا خطيرا في اللوازم الطبية، يضاف إليه وصول محدود للغاية (إلى هذه اللوازم)، يحرمان أناسا من علاجات حيوية”.
وأشار خصوصا إلى مستشفى كمال عدوان، آخر مستشفى لا يزال يعمل في شمال قطاع غزة والذي هاجمته قوات إسرائيلية، الجمعة، بحسب وزارة الصحة في غزة.
وأوردت الوزارة أن الهجوم أسفر عن وفاة طفلين، متهمة القوات الإسرائيلية باعتقال مئات من أفراد طاقم المستشفى والمرضى والنازحين.
ومساء الجمعة، أعلنت منظمة الصحة العالمية إصابة ثلاثة معالجين وموظف في الهجوم على المستشفى، فضلا عن احتجاز عشرات المعالجين داخله.
وأضاف تيدروس، السبت، “بعد اعتقال 44 من الموظفين الرجال، لم يبق سوى موظفة واحدة ومدير المستشفى وطبيب للاهتمام بنحو مئتي مريض يحتاجون إلى العلاج بشكل مُلح”.
وتابع أن “المعلومات عن المستشفيات واللوازم الطبية المتضررة أو المدمرة خلال الحصار تدعو إلى الأسف”.
بدورها، أعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” فقدان أحد جراحيها في المستشفى.
وقالت المنظمة في منشور على أكس، السبت، “نشعر بقلق عميق بشأن سلامة جراح العظام في أطباء بلا حدود، الدكتور محمد عبيد، ومكان تواجده. كان الدكتور عبيد يحتمي ويعمل في مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، وقد فقدنا الاتصال به يوم 25 أكتوبر”.
وأضافت “تعرض المستشفى والمناطق المحيطة به لعمليات عسكرية مكثفة من قبل القوات الإسرائيلية، وتشير التقارير الإعلامية الأخيرة إلى اعتقال الكثير من أعضاء الفريق الطبي صباح يوم 26 أكتوبر”.
وتابعت “نحاول الاتصال بزميلنا ونسعى للحصول على معلومات حول مكان تواجده بشكل عاجل، ونناشد بالحفاظ على سلامته وحمايته، وكذلك جميع الطواقم الطبية في غزة”.
وذكر تيدروس بأن “النظام الصحي بكامله في غزة يتعرض لهجمات منذ أكثر من عام”، أي منذ شنت حركة حماس هجومها على مواقع ومناطق جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وشدد مدير منظمة الصحة العالمية على “وجوب حماية المستشفيات من النزاعات في كل الأوقات”، مكررا أن “أي هجوم على المنشآت الاستشفائية يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”.
واعتبر أن “السبيل الوحيد لإنقاذ ما تبقى من النظام الصحي الآيل إلى الانهيار في غزة هو وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار”.
وانسحبت القوات الإسرائيلية من مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، السبت، بعد يوم من اقتحامه، وقالت وزارة الصحة في القطاع إن القوات احتجزت العشرات من العاملين في المجال الطبي من الذكور وبعض المرضى.
وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) في وقت لاحق، السبت، أن 30 شخصا على الأقل قتلوا في غارات إسرائيلية على عدة منازل في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وقال مسؤولون في قطاع الصحة، الجمعة، إن القوات الإسرائيلية اقتحمت مستشفى كمال عدوان، وهو أحد ثلاثة مرافق طبية تكافح للعمل في المنطقة.
وأظهرت صور لرويترز أضرارا لحقت بعدة مبان وممتلكات بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من المستشفى ومحيطه.
وقال مسعفون إن الجيش احتجز ما لا يقل عن 44 من فريق المستشفى المكون من 70 فردا. وأضافوا لاحقا أن الجيش أطلق سراح 14 منهم، بمن في ذلك مدير المستشفى.
وقال مسعفون إن طفلين على الأقل توفيا داخل وحدة العناية المركزة بعد أن أصابت النيران الإسرائيلية المولدات ومحطة الأكسجين في المنشأة، الجمعة.
ورفضت الطواقم الطبية أوامر الجيش الإسرائيلي بإخلاء المستشفى. وقبل مداهمة الجيش، قال مسعفون إن ما لا يقل عن 600 شخص كانوا في المستشفى، منهم مرضى ومرافقون لهم.
أوضاع “مأساوية للغاية”
ووصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأوضاع في شمال غزة بأنها “مأساوية للغاية” وقالت إنه يتعين توفير ممر آمن للأشخاص الذين يرغبون في مغادرة أماكنهم.
وأضافت في بيان، السبت، “أوامر الإخلاء المستمرة والقيود المتواصلة على إدخال الإمدادات الأساسية تترك بقية السكان المدنيين في شمال غزة في ظل ظروف مروعة”.
وذكرت “يتم إبلاغ المستشفيات بالإخلاء، مما يترك فراغا محتملا في الخدمات الطبية لعدد كبير من المدنيين المتبقين”.
تقصير المنظمات الدولية شجع الاحتلال على التمادي بمجازره
واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة المنظمات الدولية العاملة بغزة بالتقصير في أداء مهامها والتعامل مع الظروف الخطيرة ببرود وعدم اهتمام، مما يُشجع الاحتلال الإسرائيلي على التمادي في مجازره الوحشية ضد المدنيين والنازحين، خاصة في جباليا و بيت لاهيا.
ولليوم الـ23 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي القصف الجوي والمدفعي المكثف وإطلاق النار شمال غزة، في مشاهد يقول مراقبون إنها “إبادة جماعية” يشاهدها العالم على الهواء مباشرة.
وأكد المكتب الإعلامي -في بيان- أن المدنيين يتعرضون للقتل والإبادة والتطهير العرقي والاستئصال والحرق والاختطاف والتعذيب من قبل جيش الاحتلال، دون أن يكون لهذه المنظمات دور يذكر.
وأردف قائلا “في الوقت الذي يفرض فيه القانون الدولي الإنساني على هذه المنظمات تقديم المساعدات الإنسانية، إلا أنها لم تقدم الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمياه والرعاية الصحية، حيث يعيش شعبنا الفلسطيني منذ أكثر من 180 يوما حالة مأساوية من التجويع الممنهج والواضح يمارسه جيش الاحتلال دون أن نسمع صوتا للمنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة”.
وأضاف أن تلك المنظمات “كانت تتفرج على الكارثة الإنسانية في محافظة شمال قطاع غزة، دون أن تُحرّك ساكنا، بالإضافة إلى عجزها المُستغرب والمتمثل في عدم تقديم الدعم للطواقم الطبية في مواجهة النقص الشديد في الأدوية والمستلزمات والطعام والماء، حيث أدى تقصيرها هذا إلى تسريع انهيار المنظومة الصحية بمحافظة شمال قطاع غزة”.
وشدد المكتب على أن المنظمات الدولية “لم تنجح في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته، ولم يكن لها أي دور فعليا وعمليا في مواجهة الانتهاكات ضد السكان المدنيين، وأظهرت أنها عاجزة عن تسهيل تواصل الأسر المُشتتة نتيجة حرب الإبادة خاصة في حالات الاعتقال والتهجير حيث دورها المعدوم، فهناك أكثر من 250 مختطفا لدى الاحتلال وآلاف العائلات التي أجبرها الاحتلال على التهجير القسري دون أن نسمع لها موقفا فاعلا وعمليا”.
وذكّر المكتب الإعلامي الحكومي المنظمات الدولية بدورها المنوط بها والمتمثل في تلبية الاحتياجات الإنسانية وتقديم الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، وفقا لمعايير القانون الدولي الإنساني.
وبدعم أميركي واسع وعلى مرأى من العالم كله، يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا على غزة خلّفت حتى ظهر الثلاثاء الماضي 143 ألف شهيد وجريح فلسطيني -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية العالمية.
وكالات