كتاب جديد للقاعدة بعنوان “الطريق إلى نيروبي ودار السلام” يعرض تفاصيل استهداف سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا
نشرت مؤسسة السحاب، الجناح الإعلامي لتنظيم قاعدة الجهاد، كتابا جديدا لأحد كبار قادتها، الشيخ أبو محمد المصري، الذي سجل فيه مذكراته أثناء تنفيذ هجمات أدت إلى تدمير سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام بتاريخ 07 أغسطس/آب 1998م.
الكتاب من نحو 150 صفحة، شمل عدة فصول، قدم فيها الشيخ أبو محمد تفاصيل تظهر لأول مرة للعلن، عن إعداد الهجومين على السفارتين في عاصمتي كينيا وتنزانيا.
واعتمد الشيخ أسلوب العرض المباشر للمعلومات، شملت معلومات مهمة عن كيف تدير القاعدة عملياتها الخارجية بمستوى أمنيات شديدة الحذر، وأيضا عرض شيئا من الجانب الشخصي والإنساني في حياة المجاهد في سبيل الله والعقبات التي تواجه العمل الأمني.
السودان
واستهل الكاتب عرضه بالحديث عن واقع الشيخ أسامة بن لادن وأصحابه في السودان وتفاصيل رحيلهم إلى أفغانستان، وذلك منذ عام 1996م. وتناول في هذا القسم تفاصيل استقرار أمير ومؤسس تنظيم القاعدة وأصحابه في أفغانستان.
الوفد الكيني والحديث عن جرائم الأمريكيين في كينيا
وتحت عنوان “الوفد الكيني” تحدث الكاتب عن “الأخ فهد، والأخ صهيب، القادمين من معسكر “جهاد وال” بعد أن حصلا على بعض الدورات العسكرية، “ومعسكر جهاد وال” من المعسكرات الرئيسية التابعة لتنظيم القاعدة ومقره في ولاية بكتيا وبالتحديد في مركز الولاية”خوست” القريبة من الحدود الباكستانية، وقد كان له نشاطٌ متميزٌ أيام الجهاد ضد السوفييت فقد تدرب فيه الآلاف من المجاهدين الذين كانوا يرغبون في الدورات التخصصية، في الطبوغرافيا، والمساحة العسكرية، وحرب المدن، والتكتيك، والمتفجرات، والمسدسات، والقنص، ودورات القتال القريب، وقد تعاقب على إدارته كوادر عالية الكفاءة، كان لها أثر طيب في تخريج كفاءات متنوعة في جميع التخصصات استطاعت أن تواصل المسيرة بنجاح واقتدار، وقد استمر نشاط ذلك المعسكر حتى بعد خروج التنظيم وتوجهه إلى السودان”، بحسب الكاتب.
“وكانا الأخوان فهد وصهيب يتكلمان اللغة العربية، فهما من أصول يمنية، سكن أجدادهم منطقة الساحل مع الفتوحات الإسلامية، واستقروا قديما في مومباسا”.
وفي أثناء وجودهما لفترة شهرين ومن خلال حديثهما تبين للكاتب مدى حنق المسلمين في هذه المنطقة على الأمريكان، يقول في ذلك:”فقد حكوا قصصاً يشيب لها الولدان من أفعال الجنود الأمريكان حينما ينزلون مومباسا فيرتكبون كل مُحرم جهاراً نهاراً، ويخالفون كل القوانين المعمول بها في البلاد، وليس هناك رادع يردعهم مما يثير حفيظة المواطنين ضدهم، ولكن ليس باليد حيلة….صحيح أن مومباساً مدينة ساحلية ومليئة بالبارات، والخمارات، ويفد إليها الآلاف من السياح الغربيين الذين ينشرون الرذيلة أينما ذهبوا، إلا أن فسقهم ورذائلهم تتصاغر أمام ما يرتكبه الجنود الأمريكان عندما ينزلون بالمدينة للاستراحة والاستجمام….فهؤلاء تتجاوز مخالفاتهم كل التصرفات البشرية، وتتزاحم بل تزيد على الأفعال البهيمية، مع كِبرٍ واستعلاء واستفزاز لمشاعر السكان المحليين، الذين لا قيمة لمشاعرهم عند هؤلاء المتغطرسين”.
يقول الأخ فهد بحسب ما نقل الكاتب: “في أحد الأيام كان الجنود الأمريكان يمارسون كل الموبقات في الشوارع، من سُكر وتسكع وما بينهما -اغتصاب للفتيات الكينيات في الشوارع أمام كل المارة من السكان- وكان عندي سلاح آليّ ففكرت أن أذهب وأحضره وأقتل به هؤلاء المجرمين، كان الأخ فهد واحداً من أبناء مومباسا الغيورين، يريد أن يفعل شيئا ولكنه بحاجة لمن يدعمه ويشجعه….”.
وضوح الرؤية
اتضحت الرؤية بعد حديث الرفقاء، وقال الكاتب:”قمنا بدراسة المشروع، وبعد وضع كل التصورات تم الموافقة على العمل على الأمريكان في شرق إفريقيا …. ويكون هذا هو العمل الأساسي …. أمّا العملية الأخرى فيمكن أن أذهب للإشراف على التجهيزات، مع ترك أمر التنفيذ لأحد الإخوة القدامى هناك، على أن يكون التوقيت مُتقارباً جداً….وتم الاتفاق مع الأخ فهد على ترتيبات العمل، على أن يبقى هذا الأمر طي الكتمان حتى أصل إلى نيروبي….وتحرك الأخ فهد مُتجهاً إلى شرق إفريقيا ينتظر قدومي إلى كينيا”
لحظات قبل الانتقال لشرق إفريقيا
يقول الكاتب بعد أن شرح تفاصيل مهامه التي قام بها في أفغانستان قبيل سفره لشرق إفريقيا :”بعد ثلاثة أسابيع أُصبت بحمى التيفوئيد، وبقيت للعلاج لمدة أسبوع تقريباً، وبعدها رجعت إلى قندهار بالطائرة المروحية للتجهز للسفر خارج البلاد حيث ينتظرني الأخ فهد في مومباسا. أخبرت زوجتي بأنني مسافر سفرة طويلة.
قالت: متى ترجع؟
قلت: لا أعلم.
إلى أين؟
قلت: إلى إحدى بلاد الله”.
في إشارة إلى حرص الكاتب على إخفاء وجهته حتى على أقرب الناس إليه، وهي التي قال عنها:”كانت وما زالت زوجة وفيّة، مثالية، لقد صبرت معي طوال هذه السنين على تقلبات الحياة، ولم تقف في طريق عملي على الإطلاق رغم خطورته، فقد كنتُ حينها أباً لثلاث بنات هنّ مريم، وفاطمة، وحفصة، ومن المفارقات العجيبة أنني لم أحضر أيّ ولادة لواحدة منهن.
فابنتي مريم وُلدتْ وأنا في خوست وهم في بيشاور.
وابنتي فاطمة وُلدت وأنا في الصومال وهم في السودان.
وابنتي حفصة وُلدت وأنا في أفغانستان وهم في اليمن.
وعند مغادرتي لأفغانستان كانت زوجتي حاملا وولدت ابنتي ميمونة وأنا في كينيا.”
وأضاف:”لقد ضَرَبتْ أروع الأمثلة في الزوجة الوفية المتعاونة الصابرة المحتسبة المهاجرة المحبة لخدمة هذا الدين …. فهي تبذل بلا اعتراض بل برضا وعطاء …. وهي مازالت بنفس الخلق الحميد، بل ازداد الأمر حُسناً….فجزاها الله عنّي خير الجزاء، ووفقني لرد جزء مما بذلته معي من وقتها وصحتها.”
ومن تفاصيل الإعداد للسفر إلى شرق إفريقيا، يقول الكاتب:”في سنة 1418ه وتحديداً أوائل شهر سبتمبر من سنة 1997م كان الإخوة في قسم الوثائق قد انتهوا من إتمام جواز سفري، وكنت جاهزاً للحركة بعد أن تم تكليفي للعمل على ضرب أحد الأهداف الأمريكية في شرق إفريقيا، ولم يكن يعلم أحد بوجهتي إلا الشيخ وبعض الإخوة المسؤولين….فالعمل الخاص بحاجة إلى سرية تامة وتكون مناقشته في إطار ضيق حسب الحاجة وليس على طريقة اليوم من مناقشته على صفحات الانترنت في التلجرام والواتساب ظناً من الشخص أنه قد حصن نفسه من الاختراق والمراقبة بمجرد حديثه مع الطرف المقابل في غرفة خاصة!!!”. “وكان هذا سبباً في فشل الكثير من العمليات وتعريض الإخوة المنفذين للسجن….وهذا ينافي الأمانة في إدارة العمليات فالإخوة الذين في الميدان يجب على القيادة أن تحافظ عليهم ولا تعرضهم لخطر القبض عليهم تساهلاً منها وإهمالاً في أخذ الحيطة والحذر خاصة في مسألة الاتصالات التي تهاون فيها الكثير اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله.”
“في صبيحة يوم الثلاثاء من الأسبوع الأول لشهر سبتمبر وَدَّعتُ جنة قلبي، ونسمة فؤادي، ونوارة بيتي، وشريكة حياتي، وعوني بعد الله، زوجتي الحبيبة أم محمد، وبناتي الحبيبات ثمرات فؤادي، وفلذات كبدي…. مريم، وفاطمة، وحفصة، وداعاً حاراً واستودعتهم الله سبحانه وتعالى، وطلبت منهم المسامحة والدعاء فأنا لا أدري هل سأراهم مرة أخرى؟ أم أنه اللقاء الأخير بيننا…. غادرت المنزل ودموع الفراق تنهمر من أعين زوجتي وبناتي…. وخارج المنزل ودعت عدداً محدوداً من الإخوة الذين لا يعلمون أين وجهتي وأوصيت الأخوين الحبيبين خالد الحبيب، وأبو عبد الرحمن المهاجر بالأهل والبنات …. وتوجهت إلى المسجد حيث يجلس الشيخ أسامة -رحمه الله- في غرفة صغيرة متواضعة بجوار المسجد كانت محل جلساتنا الخاصة، نلتقي فيها مع الشيخ أسامة لتدارس أمور العمل والتشاور في الشؤون الخاصة….قمت بتوديعه وكانت آخر كلماته كن كريماً…. الهدف اللي يحتاج مائة كيلو أعطيه خمسمائة…. وقال نريدها ضربة موجعة، وإذا احتجت أحدا استشهاديا فابني عبدالرحمن جاهز…. ودعا لي بخير ثم افترقنا”.
وواصل الكاتب تفصيل مراحل سفره منذ خروجه من بيته إلى وصوله لمطار كراتشي، إلى وصوله للفندق في الخرطوم، حيث كان يقوم بترتيبات ولقاءات قبيل سفره إلى كينيا.
تمويل العملية
وعن تمويل العملية، يقول الكاتب:”كان الشيخ أسامة -رحمه الله تعالى- قد تعهد بتوفير أيّ مبلغ تحتاجه العملية، وقال لي قبل مغادرتي لقندهار أي مبلغ تحتاجه سيصلك عند الطلب، مع أنني كنت على علم بالوضع المالي وقتها، فقد كانت خزينة التنظيم تشتكي من قلة المال، ورغم هذا كنت على ثقة بأن الشيخ سيوفي بما التزم به كعادته”.
وأضاف:”عندما التقيت بالأخ طلحة السوداني -رحمه الله- وكان يُشرف مع الشيخ أبي برهان على بيع كثير من المعدات الموجودة في المخازن، وتصفية كثير من الحسابات المتبقية، طلبت منه أن يضع لحسابي مبلغ مائة ألف دولار تكون تحت الطلب، لا يطّلع عليها أيّ أحد من الإخوة العاملين في السودان، وأخبرني بأن المبلغ جاهز عنده، وكانت المشكلة الوحيدة وقتها عدم وجود طريقة سهلة لإرسالها لي حين الطلب ولكنه وعدني مشكورا بأن يبحث عن طريقة آمنة وسهلة لإرسال تلك الأموال، وهذا ما حصل فيما بعد كما سأذكره لاحقا”.
إلى شرق إفريقيا
قرر الكاتب السفر إلى كينيا للاطلاع على الأوضاع هناك، وكذلك لإيصال أموال للأخ فهد حتى لا تتوقف مسيرة الشراء التي بدأها، وقال:”أخبرت الأخ طلحة بوجهتي، ووعدته بالعودة بعد أسبوعين أو ثلاثة، على أن يؤخر سفره إلى أفغانستان حتى أرجع، وبالفعل حجزت تذكرة السفر الخرطوم نيروبي الخرطوم على الخطوط الكينية، وكان ذلك في سنة 1418ه، أوائل شهر أكتوبر1997م”.
لقد كان الكتاب حريصا جدا على جميع التفاصيل الأمنية كي لا يجلب الانتباه لنفسه، يقول في كتابه عن خشيته من أداء صلاة الفجر في الطائرة التي تمتلأ بالأجانب من النصارى ومن الكينيين: “أخشى أن يكون من بجواري أحد أعضاء جهاز الاستخبارات الكينية والذي قد يثير فضوله شخص متوجه إلى نيروبي ويحرص على الصلاة في الطائرة، ومعلوم أن أكثر المسافرين إلى نيروبي هم بقصد السياحة، وزيارة المحميات الطبيعية، والغابات المفتوحة “السفاري”، والأماكن الليلية التي تعج بها كينيا من مشرقها إلى مغربها، وما فيها من عُريٍ وخمور وما بينهما، ولكنني كنت مُصرّاً على أداء الصلاة، وحمدت الله عندما جلس بجواري رجل وامرأة مُسِنَّان، يبدو على ملامحهما السحنة الأوربية، وما أن تحركت الطائرة حتى كان وقت الفجر قد دخل، وبعد أن ارتفعت قليلا واستقرت في الجو نويت الصلاة وأديت صلاة الفجر وأنا جالس في مكاني وقبلتي حيث توجهت بي الدابة….”.
ونقل الكاتب في تفاصيل رحلته لكينيا، بعض العادات والتقاليد الصومالية، يقول وهو يصف وجبة طلبها من مطعم الفندق الذي كان يقيم فيه:” وكان الغذاء هو المكرونة الاسبكتي مع شيء من اللحم والموز وهذه وجبة صومالية بامتياز يفضلها أكثر الصوماليين، فهم يحبون أكل الموز مع الاسبكتي وبالتجربة “أكلة لذيذة””.
وعن لقائه بالأخ فهد، مساعده الخاص في ترتيب العملية قال:” تحدثنا طويلا عن الهدف المتفق عليه، وعن إمكانية العمل عليه، وعن إمكانية توفير كل ما يلزم للعملية، وكان الأخ “فهد” متفائلا بدرجة كبيرة حتى قال بلغة الواثق من ربه أنا قادر -إن شاء الله- على تجهيز كل ما يلزم للعملية، بل وجاهز للتنفيذ إذا طُلب مني ذلك، وكان شابا عمليّا نشيطاً صاحب مجهود جبّار لا يفتُر عن العمل ولا يكِلّ، ولا تكاد تسمع منه شكوى، ولا تأفف، فوجهه المائل إلى السمرة دائما ترتسم عليه ابتسامة لا تفارقه، حتى في أثناء المواقف الصعبة.”
خطة العمل
يقول الكاتب عن خطة العمل:”بعد كلام طويل حول العملية وما تحتاجه من تجهيزات وضعنا خطة للعمل، وبرنامج أمني نسير عليه، وشفرة بسيطة ومعقدة على الفهم بالنسبة لمن يستمع إليها، وغطاءً مناسباً لما نقوم به من عمل، وكذلك غطاء لإقامتي في كينيا …. وكانت الخطة تقتضي منّا قطع جميع العلاقات القديمة مع الإخوة الصوماليين حتى لا نسبب لهم أيّة مشاكل، ولا نجلب لأنفسنا أيّ اختراق أمني، وحتى الإخوة الموجودين من أفراد القاعدة لن نطلعهم على العمل إطلاقاً خشية أن يكونوا متابعين أمنيّا”.
الذهاب إلى الساحل
تحدث الكاتب عن خريطة تحركاته في كينيا، ومنها زيارته للساحل الكيني، يقول في ذلك:”كان لا بد لي من الذهاب إلى الساحل للالتقاء بالإخوة المدربين القائمين على متابعة ملف الصومال وكانوا أربعة من الإخوة الأكفاء المتميزين في العمل العسكري والإداري، وكان أميرهم هو الأخ المجاهد عبد الوكيل، أو أبو جهاد النوبي، أو مصطفى المصري، أو أبو بلال، وهذه كلها مسميات لشخص واحد…. والأخ عبد الوكيل تدرب في معسكرات القاعدة في التسعينات من القرن الماضي، وقد أشرفتُ على تدريبه وكان حينها يُكنى بأبي جهاد النوبي، وكان لا يزال طالباً في كلية التجارة، وهو شاب ذكي، هادئ الطباع، لا تكاد تسمعه من شدة أدبه، صاحب رأيّ ورؤية، مما أهّله ليكون من عناصر التنظيم البارزة في فترات وجيزة….وكان يساعده في العمل الأخ المهندس مروان الفلسطيني، والأخ شعيب المصري، والأخ هارون القمري، وهم من الإخوة الأكفّاء، وكلهم أصحاب خبرة عالية في التدريب العسكري والإداري….وكان الإخوة الثلاثة قد تزوجوا من أُسر كينية محترمة وملتزمة، أمّا الأخ هارون فقد تزوج من جزر القمر من إحدى قريباته”.
“ذهبتُ إلى مومباسا، ونزلت في أحد الفنادق وذهب الأخ فهد لإخبار الإخوة بأنني موجود، وكانت مفاجأة للجميع، فمنذ فترة طويلة لم يصلهم أحد من طرفنا وظن الجميع أنني جئتُ لمتابعة العمل في الصومال”.
العودة إلى الخرطوم
يظهر من كتاب الشيخ أبو الوليد أن الخرطوم كانت محطة رئيسية في تحركاته، يقول في كتابه:”رجعت إلى الخرطوم لترتيب الأوضاع مع الأخ طلحة السوداني قبل سفره إلى أفغانستان، وأخبرته بأنني بحاجة إليه في عمل خاص فوافق بغير تردد، وبغير سؤال عن طبيعة العمل وماهيته…. فأخبرته بطبيعة عملنا وأنه قد يستغرق منّا الكثير من الوقت، وشرحت له خطورة العمل مع بيان آثاره ونتائجه الطيبة في حالة نجاحه، فقال على بركة الله وبشّرني بأن موضوع الأموال التي طلبتها منه قد تم ترتيب أغلبها، وأنه وجد طريقة سهلة لإرسالها لي عند الطلب”.
حركة الأموال الحرة
كما أشار إلى حركة مالية نشطة بعيدا عن أعين الرقابة حيث يقول في كتابه:” في المساء ذهبنا باتجاه الجامعة الإفريقية والتقينا بشخص في العقد الرابع من العمر واتفقنا معه على طريقة إرسال الأموال، وعلى النسبة التي سيأخذها مقابل عمله، ولكنه كان متردداً بعض الشيء وظهرت عليه علامات الخوف خشية أن نكون تابعين للحكومة! ولكن بعد تطمينات عدة وافق على إرسال دُفعة واحدة من الأموال وشرح لنا الطريقة، وكانت في الحقيقة سهلة وميسورة وبعيدة كل البعد عن المعاملات البنكية المعقدة والمُراقبة أيضا….وفي الحقيقة عمليات المراقبة الصارمة التي فرضتها أمريكا والدول الصليبية على تحويل الأموال للتضييق على المجاهدين لم تؤثر إطلاقاً على عمليات تحويل الأموال، بل فتحت أبواباً كثيرةً أكثر أمناً ومرونة، وجعلت تلك العمليات بعيدة كل البعد عن المراقبة والمتابعة….وإذا كانت التحويلات المالية كانت تتم في السابق بشكل جزئي خشية المراقبة الغير معلنة، فاليوم تتم التحويلات المالية بشكل أكبر بكثير، وبذلك فَقَدَ العدو ميزة كانت يمكن أن تكون مصدر معلومات بالنسبة له لو استمر في المراقبة الغير معلنة، ولكن الحماقة التي يتمتع بها المسؤولون الأمنيون جعلتنا في موقع أكثر أمناً وأشد مرونة وحركة”.
عقبات في الطريق إلى اليمن
لقد كانت رحلة هذا القائد تشمل تحركات إقليمة واسعة، لكنها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالوضع الأمني، يحدثنا في كتابه عن اليمن فيقول:”كان من ضمن ما كُلفت به أن أذهب إلى اليمن لترتيب ما يلزم لعملية أخرى كنّا قد اتفقنا عليها مع أحد الإخوة القدامى عند زيارته لنا في أفغانستان، وكان الأخ طلحة -رحمه الله- قد حصل لي على جواز سفر “لإحدى الدول العربية”، ومع معرفتي التي لا بأس بها بالعمل الوثائقي إلا أنني لم أجهز جوازي بنفسي فأعطيت الجواز لأحد الإخوة الثقات-من تونس الحبيبة-الذي قام بعمل ما يلزم على أفضل وجه”.
“كان كل شيء جاهزا للتحرك إلى اليمن فقد اتصلت بصاحبنا فقال: أنا في انتظارك على شوق منذ مدّة طويلة لبدأ العمل…. اتفقت مع الأخ طلحة على ترتيب أوضاع الأخ هارون وأسرته إلى حين عودتي من اليمن، ولكن جاءني اتصال من صاحبنا في اليمن يقول بأن أحد الإخوة المصريين ممن أعرفهم معرفة جيدة قد تم القبض عليه في مطار صنعاء بجواز “نفس البلد” الذي أحمله ونصحني بعدم السفر الآن خشية أن يتكرر الأمر….أجلتُ فكرة السفر وشرعت مع الأخ طلحة في ترتيب الأمور له ولأسرة الأخ هارون”.
العودة إلى كينيا وتجلي الهدف الجديد
كشف الكاتب عن كيف استقر بهم اختيار السفارة كهدف للعملية فيقول:”قضينا هذا اليوم في الفندق فقد كنّا بحاجة إلى الراحة، وفي الصباح تحركنا إلى وسط المدينة وكان الجو لطيفاً جداً إذا قارنته بجو الخرطوم الحار، وكان وسط المدينة يعج بالمارة والسيارات، وتوجهنا لشراء بعض الملابس التي تناسب تلك البلاد، وهذا أمر سهل خاصة إذا توجهت لوسط المدينة، فالمحلات التجارية كثيرة جداً وعلى جميع المستويات، وبعد عدة ساعات كنّا قد انتهينا من شراء أغلب ما نحتاجه من ملابس وقررنا العودة إلى الفندق على أن نعود غدا لتكملة ما تبقى….كان يوما موفقا أنجزنا ما نريده، وفي الفندق وبعد قسط من الراحة تناولنا الغداء وكان في هذه المرة طعاما بحريا لذيذا مع الأرز.
نجمة تتلألأ في رابعة النهار
من المعتاد أن تتلألأ النجوم في السماء ولا تُرى إلا في الليل وكلما قارب القمر على المحاق كان تلألأ النجوم أبهى وأزهى، أمّا أن تتلألأ النجوم في النهار والشمس ساطعة فهذا أمر مُلفت للنظر فقد كنّا نسير في وسط نيروبي ورأيت مبنى كبيراً عن يميني، ولفت نظري وجود حراسات عليه ووجود متاريس حديدية وخرسانية من حوله.
فسألت الأخ هارون عن المبنى.
فأجاب هذه السفارة الأمريكية.
فقلت: تقصد أنّ هذه كانت السفارة الأمريكية.
قال: بل هي السفارة الأمريكية العاملة في نيروبي.
أنت تعني ما تقول.
قال نعم وبكل تأكيد.
قلت هذه فرصة لا تُفوّت.
قال أيّ فرصة.
قلت هذه تصلح أن تكون هدفا للتنظيم في المستقبل، فالوصول إلى أسوارها ممكن إذا تخطينا هذه المتاريس الحديدية والاسمنتية.
فقال أنا أمُرّ عليها في كل يوم ولكن لم أفكر هذا التفكير.
فقلت له أنت معذور فالجماعة لم تكن تبنت من قبل نظرية العمل في المدن إلا في حدود ضيقة جداً لم يطلع عليها الكثير من الإخوة”.
وأضاف الكاتب:”دار هذا الحديث بيننا ونحن نتأمل ذلك المبنى الضخم الذي يدور بداخله كل المؤامرات ضد الشعوب الإسلامية في إفريقيا خاصة الصومال، وتُوضع فيه كل الخطط اليهودية والأمريكية للالتفاف حول مصر والسودان وحصارهما بالتحكم في منابع مياه نهر النيل، ووضع قدم لهم في مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي لحصر المنطقة العربية، والتحكم في ممرات التجارة البحرية العالمية، بالمشاركة مع الدول الصليبية الكبرى”.
“قمنا باستطلاع المبنى بالدوران حوله ورأينا نقاط الضعف، مع تحديد أضعف النقاط التي يمكن اقتحام المبنى منها، وأسهل الطرق للعمل عليها ….وحقيقة لقد رأيت في هذه السفارة مشاريع عمل وليس مشروعاً واحداً، فنحن نستطيع اقتحامها والسيطرة عليها خلال بضع دقائق، فأبوابها الأمامية لا تبعد عن الطريق الرئيسي إلا أمتاراً قليلة يسهل تخطيها.
ونستطيع متابعة العاملين فيها لاغتيالهم.
ونستطيع عمل متابعة أدق لخطف بعض موظفيها وهذا أمر سهل في حينه ومازال كذلك.
وقد هالنا عدد السيارات التابعة للسفارة…. ومن نظرة أولية تستطيع وضع رقم تقريبي لعدد العاملين فيها فالسيارات الواقفة في المرآب الخارجي بالمئات، والتي في الداخل لا تقل عن هذا العدد فإذا ضربت عدد السيارات في متوسط اثنين لكل سيارة فسيكون الناتج عندك بالمئات وهذا ما ثبتت صحته يقيناً بعد العملية وتصريحات المسؤولين الأمريكيين.
كان الحصول على المعلومات الأولية أمر يسير بالنسبة لنا، فالشوارع مزدحمة بالمارة ويستطيع أيّ أحد من المارة الاقتراب من أسوار السفارة بشكل لا يُتصور ودون أن يلاحظك أحد، فالجميع ينظر إلى السفارة الأمريكية على أنها تُعبر عن الحريات في العالم، وعن الديمقراطية في أوج صورها، وعن احترام حقوق الإنسان! وعلى أنها دولة القانون، بالإضافة إلى أن السفارة تُمثل معلما سياحياً لكل زائر للعاصمة نيروبي.”
السفارة الأمريكية رمز للطغيان
يقول الكاتب: “أمّا نحن فكنّا ننظر إليها على أنها تُعبر عن صُور الاستعباد للشعوب في العالم، وتُمثل أكبر خُدعة سياسية في العالم تحت مسمى الديمقراطية…. وهي أكبر دولة تنتهك حقوق الإنسان…. فالإنسان ليس له أيّ قيمة طالما أنه ليس أمريكيا بروتستانتيا…. وهي أكبر دولة مارقة على القانون…. وسفاراتها تمثل أكبر معلم استخباراتي في العالم تحاك بداخله كل المؤامرات لإذلال الشعوب واستعباد البشر، فهي تمثل تاريخ استعباد الشعوب الإفريقية حيث أقامت لهم أكبر سوق للنخاسة في العالم…. وهي أكبر دولة مجرمة في التاريخ…. فهي التي قتلت الملايين من الأفارقة في رحلات التهجير القسري أيام الاستعباد الأولى، وهى التي فرّقت بين الأسر الآمنة التي جلبتها قسراً للعمل في مزارع السادة البيض، وهى التي قتلت الملايين من الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا، وهى التي تدعم الدولة اليهودية دعما لا حدود له لقتل إخواننا في فلسطين، وهي التي قتلت مئات الآلاف من اليابانيين في الضربة الذرية الأولى، ولايزال اليابانيون يعانون من آثار الإشعاعات الذرية إلى يومنا هذا، وهى التي قتلت ثلاثة ملايين من الشعب الفيتنامي-على أقل التقديرات- إبان حربها في فيتنام، وهي التي قتلت أكثر من مليون ونصف المليون من أطفال العراق، وهي التي تسرق ثروات ومقدرات عالمنا الإسلامي وتترك شعوبه تعيش الفقر بكل صوره وأشكاله، وهي التي تنشر الرذيلة والإلحاد لإبعاد المسلمين عن دينهم، وهي … وهي … ولولا خشية الإطالة لسردنا جرائم هذه الدولة بشيء من التفصيل ليعلم شباب الإسلام أن العداء بيننا وبين الأمريكان والغرب الصليبي عداء عقدي ديني…. فهذه مقارنة بين نظرتين.”
“كان هذا الاستطلاع مبدئياً وسريعاً، فقد كنتُ أنوي عمل استطلاع دقيق في المستقبل وقبل مغادرتنا لكينيا ليكون مشروعاً جاهزاً أمام القيادة عند عرضه عليهم.”
نجمة تتلألأ
قال الكاتب:”قلت للأخ هارون وقتها هذه نجمة تتلألأ في الأرض، وشعرت حينها بمدى غباء الأمريكان، ومدى غباء اليهود، ومدى الغفلة عند المسلمين الذين أوهمهم الأمريكان بأن أمريكا وإسرائيل تعرف كل شيء! وفي الحقيقة أمريكا لا تعرف أيّ شيء، سِوى إيهام الشعوب، والكذب عليهم، من خلال أجهزة إعلامية احترفت الكذب والخداع.
قلت له هدفنا من اليوم اسمه “النجمة”..
السفر إلى مومباسا الساحلية
انتقل الكاتب بعد ذلك لعرض أحداث رحلته واستقراره في مومباسا، “وهي رحلة طويلة تستغرق طوال الليل تقريباً ليس لبُعد المسافة ولكن لضيق الطريق ورداءته، فالمسافة لا تزيد عن خمسمائة كيلو متر، تشق الحافلة طريقها بين مساحات خضراء من الغابات المترامية الأطراف على جانبي الطريق، وكثيراً ما تتوقف الحافلات أثناء مرور قافلة من الزرافات أو القرود أو الغزلان من أحد جانبي الغابة إلى الطرف الآخر منها، أما إذا كانت القافلة التي ستعبر من السلاحف فعليك أن تأخذ قسطاً من النوم مع أحلام سعيدة وأحيانا مُزعجة حتى تتحرك الحافلة، وهذه المناظر الجميلة والخلابة تستهوي جميع السيّاح المتوجهين إلى مومباسا نهاراً، وقد كانت لي رحلات سابقة في النهار أيام تواجدنا في الصومال وشاهدت تلك المشاهد الجميلة التي تستهويني خاصة وأنني نشأت في بلد يختلف مناخه وطبيعته عن تلك الطبيعة الإفريقية الخلابة”.كما لخص الكاتب.
طاقم الإشراف على العمل في الصومال
بعد عرض تفاصيل عن نشاطه في مومباسا ولقاءاته مع العاملين معه، قال الكاتب:”حددتُ موعداً مع الإخوة القائمين على إدارة العمل في الصومال وجلسنا جلسة طويلة تباحثنا فيها عن أسلوب تطوير العمل في الصومال، وكان الإخوة قد بذلوا مجهودا كبيراً ورائعاً، فقد تم تأهيل عدد كبير من الكفاءات الصومالية، بحيث أصبح العمل في الداخل تحت إدارة صومالية بنسبة 100% مع متابعة من الإخوة مصطفى، ومروان، وشعيب، الذين يتناوبون على الذهاب إلى الداخل إذا استدعى الأمر”.
تأسيس الجبهة الإسلامية العالمية ضد اليهود والصليبيين
أشار الكاتب أيضا إلى تأسيس الجبهة الإسلامية العالمية ضد اليهود والصليبيين حيث قال في هذا الصدد:”وهذه الجبهة التي سعى لتأسيسها الشيخ أسامة -رحمه الله تعالى- وإخوانه في أفغانستان، وكانت تضم عددا كبيراً من الجماعات الإسلامية التي تتبنى الجهاد كوسيلة للتغيير، من باكستان، وبنجلاديش، والجماعات الجهادية في الدول العربية، وكذلك كثير من الرموز الإسلامية العالمية والتي لها تأثير كبير في العالم الإسلامي …. وهذه الجبهة كان لتأسيسها دلالات هامة جداً، فبعد أن كانت القاعدة فقط هي التي تتبنى فكرة الجهاد العالمي، خلافا للجماعات الجهادية القطرية، أصبحت تلك الجماعات تتبنى نفس الفكر، وهذا شتت من جهود العدو الصليبي، وأصبح فكر القاعدة فكراً عالمياً، واكتسب قبولا ًكبيرا في العالم الإسلامي بين فئات الشيوخ والشباب، وهكذا استطاعت القاعدة أن تمسك بمفتاح الصراع الصحيح الذي يتفق عليه الجميع، وهذا أمر كان بعيد المنال قبل تكوين الجبهة الإسلامية العالمية ….هذا الإعلان لم يكن مزعجاً للكفار فحسب، بل تحركت حكومات عربية لوأد هذا المشروع قبل أن يكون واقعاً عملياً، وعلى رأس تلك الحكومات، الحكومة السعودية العميلة النشأة والمسار، تلك الحكومة الغارقة في العمالة، وفي خدمة أسيادها الأمريكان، ولكن بحول الله وقوته باءت مساعيها بالفشل”.
“سمعنا في الإذاعات بتأسيس هذه الجبهة ،كما سمعنا تهديداً صريحاً صدر عن الشيخ أسامة بضرب المصالح الأمريكية المحتلة لأرض الجزيرة العربية، وقد أزعجنا كثيراً هذا التصريح، فنحن نمتلك حينها قرابة اثنين طن من المتفجرات، بجانب ما يلزمه من مواد مُحرضة، ومعي طاقم عمل يعمل بالليل والنهار، ومثل هذا التصريح قد يُسلط الضوء علينا…. هكذا تفكير الرجل الذي يعمل في الميدان …. ولكن علمنا فيما بعد ومن خلال تصريح القادة الأمريكان، بأن العيون كانت مُفتحة لضربة في داخل الجزيرة العربية لنعلم فيما بعد وللمرة الألف بأن الأمريكان يمتلكون عقولا فارغة، وتصريحات رنانة خاوية، وأن العمل ضد مصالحهم أمر بسيط وسهل -لمن سهله الله عليه- تستطيع القيام به أي مجموعة جهادية في العالم ….فهم لا يعلمون الغيب كما يتصور البعض، أو كما يُحب أن يُصورهم البعض للقعود عن الجهاد، أو كما ينسج البعض عنهم صوراً من الخيال بأنهم جبارين، ولا يستطيع أحد محاربتهم، وينسجون قصصاً غريبة حول إمكانياتهم، كما نسجت بنو إسرائيل عن الجبارين مع نبيهم موسى -عليه الصلاة والسلام- بقصد القعود عن الجهاد فعاقبهم الله بالتيه أربعين سنة، حتى انتهى هذا الجيل الذي لا يصلح للجهاد، ولا لنزول النصر، باستثناء نبي الله موسى -عليه السلام- وقلة من المخلصين.”
“وأمتنا الإسلامية الحبيبة المسلوبة، وشبابنا المسلم العزيز قد أدخلهم الحكام والمتخاذلين، والمخذّلين، في تيه فكري، وثقافي، وعسكري، واجتماعي، منذ أن سقطت الخلافة الإسلامية بمعاول آل سعود، والشريف حسين وأبنائه، وكمال أتاتورك ومن ورائهم التحالف الصهيوصليبي، وآن لهذا التيه أن ينتهي وها هي بوادر انتهائه تبدو ظاهرة للعيان، رغم حرص الحكام المتسلطين وأعوانهم على بقائه لمدة أطول، وإن كانوا في قرارة أنفسهم متيقنين بزواله يوما ما”.
السفر إلى تنزانيا
كان العمل في كينيا يمشي بالتوازي مع العمل في تنزانيا يقول الكاتب في ذلك:”كان من برنامجي السفر لتنزانيا، ومن ثم العودة إلى كينيا لتجديد الفيزا التي اقتربت على الانتهاء، وكنت قد أخذت فيزا إلى تنزانيا منذ فترة، ولكن ازدحام العمل منعني من السفر، وكان من ضمن برنامج السفر استطلاع السفارة الأمريكية في تنزانيا، وكان الأخ هارون يعرفها ودائما يقول لي لو رأيتها ستعجبك كثيراً وطلب مني أن يذهب لاستطلاعها وكنت دائما أتمهل في الأمر لزحمة العمل، ولما سمحت الظروف بالسفر حجزنا على أول رحلة برية مُتجهة إلى دار السلام، وكان ذلك في العام 1419ه، مايو من عام 1998 م.”
يقول الكاتب عن سكان هذه البلاد:”أغلب سكان تنزانيا من المسلمين، بل وهناك جزر كاملة مثل زنجبار كل سكانها من المسلمين، مع أن النشاط التنصيري يعمل فيها على قدم وساق، مستغلين حالة الفقر المتعمدة للسكان المسلمين، وتحول بعض المسلمين عن الإسلام إلى النصرانية،كما هو الحال في باقي الدول الإفريقية.
والعاصمة دار السلام مع أن أكثر سكانها من المسلمين، إلا أن المظهر الكنسي يبدو واضحا على معالمها، بسبب الكنائس التي شُيدت على الشوارع الرئيسية للمدينة، ومحلات القصابة المنتشرة التي تبيع لحم الخنازير، وهكذا يُصورون للزائر أن هذه مدينة نصرانية! وهي خطط خبيثة يُشرف عليها مجمع الكنائس العالمي لتنصير القارة السوداء كما يحلو لهم تسميتها”.
مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة
أشار الكاتب إلى أنهدف العملية لم يكن بداية السفارة الأمريكية، وكل الإعدادات لم تكن لاستهداف السفارة، ولكن تم تغيير الخطة وكانت انعطافة جادة في ترتيباتهم، يقول في ذلك:”لقد كان قرارا صعبا للغاية لأنه غيّر كل الترتيبات التي رتبنا لها، وكنت أخشى من ردة فعل عكسية عند الشباب الذين بذلوا غاية الجهد في تجهيز هذا الكم الهائل من المواد اللازمة للعملية، وتعرضوا لمخاطر أمنية تزيد بكثير عن خطورة تهريب الكوكايين. جلسنا جلسة طويلة مع جميع أعضاء الفريق، وشرحت لهم الهدف الجديد وما يلزمه من أمور، وبينت لهم أن هذا الهدف كان مشروعا مُقترحا في المستقبل، وأنه من الأهمية بمكان، وإذا نجحنا بتوفيق من الله في ضرب هذا الهدف نكون قد أصبنا عدونا في مقتل، وأن هذا الصرح يمثل حجر الزاوية في العمل الاستخباراتي في شرق إفريقيا، لكن الأمر يحتاج إلى بذل ومجهود جديد، ويحتاج إلى صبر واحتساب وإخلاص …. وفي الحقيقة كان الجميع في غاية التجاوب والتعاون….قلت لهم ما سبق من عمل ومجهود جبار يجب أن ننساه جميعا، وأن نبدأ من جديد وبنفس الهمة التي بدأنا بها مشروعنا السابق، ووافق الجميع وكانوا في تنافس على البذل، جلسنا بعدها جلسة عمل لوضع الخطة الجديدة، وتوزيع الأدوار من جديد”.
رؤية مُبشرة
بعد الانتهاء من إعداد العبوة، التي تعتمد عليها العملية، قال الكاتب:”كنت قد اتصلت بعمي (أبو زوجتي) الشيخ أبو الفرج حفظه الله تعالى.
فقال من فين بتتكلم؟
قلت له من بلاد الله الواسعة.
قال عندي بشرى لك.
رأيتك في المنام عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد اتجهتَ للقبلة، وتدعوا إلى الله بإلحاح.
ثم قال لي: يا أبا محمد هل لك حاجة مُلحة تريد من الله إتمامها؟
فقلت له: ادع لنا.
وعمي رجل صالح -نحسبه كذلك- فهو من أهل القرآن، وله ورد في الليل لا يكاد يخطئه، حتى في أشد الأوقات، وأصعب المواقف، في الجبهات ومعسكرات التدريب.
استبشرت كثيرا بتلك الرؤيا، واستبشر الإخوة من حولي، فالجميع يعرف عمي معرفة جيدة فهو من أهل الفضل والدعوة والجهاد، وكانت له دروس ومواعظ في الجبهات والمعسكرات، ودعونا الله سبحانه أن يُكلل عملنا بالنجاح”.
عمالة أبو طلال المغربي
تحدث الكاتب في فصل كامل من الكتاب على قصة أبو طلال المغربي وكيف تحول إلى عميل، وخان المجاهدين، وكيف ارتابوا في أمره بملاحظة علامات التغير عليه وكيف تحصنوا منه.
وبعد عرض سيرة أبو طلال، وكيف استفاد من مساعدات التنظيم له، قدم الكاتب مناقشة لما كتبه على صوفان، ودانيال فريدمان، عن دوافع أبي طلال للعمل معهم وكشف كذبهم وتدليسهم. في كتابهما “الرايات السود”.
وقال في نهاية هذا الفصل:”وقد اكتفيتُ بتلك الإشارات لبيان كذب الكاتب، وخداعه للقارئ، وكم من كتاب يكتبون الكتب، ويصنفون المصنفات، وهم من أبعد الناس عن الحقيقة، والغريب في الأمر أنهم يكذبون علينا ونحن أحياء، فماذا سيكون الأمر بعد الرحيل!.”.
“هناك فصول في الكتاب يجب بيان زيفها، ولعلي أذكرها في كتابات أخرى تناسب المقام إذا يسر الله لي ونشطت في الكتابة، فالكتابة ليست صنعتي، ولكن سأحاول -إن شاء الله- أن أذكر شيئا من حقيقة التاريخ الذي عشناه لحظة بلحظة، بذل فيه الكثيرون من أوقاتهم، وأموالهم، وأنفسهم، وأحث إخواني الذين لهم باع في التصنيف والكتابة، المسارعة في كتابة التاريخ الذي زوره الأعداء على مرأى ومسمع منّا!.”.
ووجه الكاتب القائد خلال هذا الفصل نصيحة لأبي طلال واسمه الحقيقي، حسين خرشتو، للتوبة إلى الله تعالى قبل الموت.
إخبار القيادة بطبيعة العملية
بعد كل المراحل المتقدمة في الإعداد للعملية وبعد اكتمال أركان تنفيذها، لم تكن القيادة في تنظيم القاعدة على علم بطبيعة الهدف، يقول الكاتب:”فحتى هذه اللحظة لم نكن أخبرنا القيادة في أفغانستان بطبيعة العملية كاملة، باستثناء بعض التلميحات في الرسائل …. فطبيعة عملنا في تنظيم القاعدة …. وضع الخطوط العريضة للعمل، ثم نترك الفرصة كاملة للأخ للعمل وَفْق هذه الخطوط …. وهذا يُعطي مرونة كبيرة لسير العمل”.
“طلبت من الأخ سويدان أن يُخبر الشيخ أسامة، والشيخ أبا حفص الكومندان، بطبيعة العمليات مع شرح طريقة التنفيذ كاملة، وأن الموعد لن يتعدى أسبوعا -بإذن الله تعالى- على أن يكون هذا الأمر سراً حتى على الإخوة المسافرين معه، فقد كان الأخ مصطفى لا يعلم أيّ شيء عن عملية نيروبي …. والأخ شعيب لا يعلم أيّ شيء عن العمليتين …. فالمعرفة على قدر الحاجة …. هذه هي القاعدة التي عملنا بها من أول يوم “.
موقف طريف لا يُنسى
الكتاب الذي تحدث عن الكثير من التفاصيل التي تخص العمل وشخصيات العاملين والإجراءات الأمنية والشخصيات الثانوية والجيران وعادات الناس، وتاريخ تلك المرحلة، إلى أن تم إتمام ترتيبات ومراحل العمليتين في نيروبي ودار السلام وتوزيع الأدوار بدقة، لم يخلو من ذكر العديد من المواقف الطريفة، منها ما سرده الكاتب في هذه الفقرة بعد خروجه من كينيا وسفره إلى باكستان:”ركبنا تاكسي من أمام المطار وطلبنا منه أن يوصلنا إلى أحد الفنادق، وانطلق التاكسي يشق طريقه نحو وسط المدينة، كنت أجلس في الكرسي الخلفي، وكان هناك صوت مزعج يصدر من خلفي مباشرة، وتنبعث منه رائحة كريهة، فمددت يدي نحو الصوت، فوجدت مقبض، فأدرته، فتوقف الصوت، وما هي إلا لحظات حتى توقف التاكسي فجأة …. نزل سائق التاكسي من السيارة وفتح الكبوت وحاول جاهداً معرفة العُطل ولكن دون جدوى، وكنا هذه المرة أكثر اطمئنانا فالعطل ليس في الطائرة، وكنا نتبادل الحديث والرجل يدور حول التاكسي، لا يدري من أين العطل؟ وما هذا العطل المفاجئ الذي أوقف التاكسي كأنه جثة هامدة لا تتحرك، وبعد قليل جاء ونظر في العداد فإذا مؤشر الغاز الذي تعمل به السيارة متوقف! وحينها تبين له العطل، فجاء من خلفي وأدار المقبض مرة أخرى، وبدء الصوت الذي كنت أسمعه يعود مرة أخرى، وانبعثت الرائحة الكريهة من جديد، وانطلق التاكسي مسرعاً، وسط ضحكات الجميع من هذا الموقف الطريف …. واكتشف الجميع بأنني السبب هذه المرة، مع أنني لم يكن لي أي يد في عُطل الطائرة.
قلت لهم: معلش أول مرة أركب تاكسي بأنبوبة !!”.
ترقب لحظة التنفيذ
بعد أن أعد الكاتب القائد كل تفاصيل تنفيذ العمليتين في نيروبي ودار السلام بما في ذلك تجهيز العبوات والاستشهاديين وكان قد ذكر بتفصيل كل المراحل التي مر بها لتحقيق ذلك، سافر إلى باكستان حيث بقي ينتظر خبر التنفيذ، يقول واصفا ذلك: “كانت أصوات المساجد تصلنا من كل جهة، فالوقت كان صلاة الجمعة، والناس في المساجد، والآن ساعة إجابة، وأخذنا في الدعاء، وألححنا على الله، وما أن انقضت صلاة الجمعة حتى جاء الخبر الأول في CNN بأن هناك تفجير على السفارة الأمريكية في نيروبي.
وكم كانت سعادتنا وفرحتنا بهذا الخبر، مع حزن على الأخوين عزام، والعوهلي، وسرعان ما زال هذا الحزن ببعض الكلمات الطيبة التي ذكرتنا بأنهم شهداء عند ربهم -نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً-.
سجدنا شكراً لله على توفيقه، ودعونا الله بالتوفيق لأخينا أحمد عبدالله …. وما هي إلا دقائق حتى جاء الخبر الثاني، بتفجير السفارة الأمريكية في تنزانيا، فسجدنا شكراً لله سبحانه وتعالى.
كان الأخ بدر قد نزل لشراء بعض الأمور، وعندما رجع قلت له: الآن سنذهب لمحطة الحافلات للسفر فوراً، وكان لا يعرف أيّ شيء عن الموضوع.”
نصيحة للمجاهدين العاملين في المدن
وجه الكاتب عدة نصائح خلال عرضه لفصول الكتاب، وبالنظر لتداعيات العملية وما أعقبها من اعتقالات وتبعات، يقول الكاتب:”يجب وضع خطة انسحاب لكل فريق العمل قبل تنفيذ العملية، ولا يبقى في ساحة العمليات إلا من له ضرورة حسب الخطة المتفق عليه، وحتى عناصر التنفيذ الاستشهاديين يجب عمل خطة لهم على الرغم من صعوبة نجاتهم، وما حدث من نجاة الأخ العوهلي، وعدم وجود خطة مسبقة لخروجه، يُعَدُ من الأخطاء التي أعترف بها، وأتحمل مسؤوليتها كاملة.
مادلين أولبرايت “ودموع التماسيح“
يقول الكاتب عن الردود الغربية على هجمات نيروبي ودار السلام:”بعد العمليتين المباركتين في نيروبي ودار السلام خرجت علينا في الإعلام مادلين أولبرايت تنعي قتلى السفارتين وهي تبكي وتذرف الدمع الكاذب.
ابكي فكم أبكيت من أطفال المسلمين؟
ابكي فكم أبكيت من أرامل غزة والقطاع؟
ابكي فكم أبكيت من أرامل العراق ؟
ابكي فكم بكى أطفال البوسنة؟
ابكي فكم بكت نساء البوسنة؟
ابكي فهل كُتب علينا البكاء وحسب؟!
اصرخي فكم صرخ المظلومين.
قال تعالى: ﴿قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ “الآية 14/15 التوبة﴾.
كما نقل تصريحات السفيرة الأمريكية في نيروبي حيث قالت:” – لو كنت في مكتبي حين وقع الانفجار لأصبحت جزء من ركام مكتبي.
– فقدتُ 150 من عائلتي، تقصد من قُتل في السفارة من الأمريكان.
– صوت الانفجار كان يشبه الزلزال القوي.”.
وقال الكاتب معلقا على عمليتي نيروبي ودار السلام:”لقد كانت عملية مباركة بذل فيها الجميع من وقته وجهده وأعصابه، ورحل عنّا بعدها اثنان من أكارم المجاهدين، عزام المكي -رحمه الله-، وأحمد عبدالله المصري -رحمه الله- نسأل الله سبحانه أن يتقبلهم في الشهداء، وأن يرفع درجاتهم في عليين، وأن يلحقنا بهم شهداء، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة، في صبر واحتساب.
وأمّا الأخوان الكريمان العوهلي، ومروان الفلسطيني، اللذان وقعا في الأسر فنقول لهم أننا سنسعى لإخراجكم وإخراج كل أسير، فهذا واجب شرعي تُبذل في سبيل تحقيقه المهج والأموال ففي الحديث: “فكوا العاني وأطعموا الجائع وعودوا المريض” وسوف نستمر -بإذن الله- وإن طال الوقت حتى يتحقق هذا الأمر، ونقول لجميع إخواننا الأسرى اصبروا وصابروا وتيقنوا بفرج الله سبحانه، واعلموا أن ما أنتم فيه من ابتلاء، هو رفعة لكم كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وآله وسلم”.
مناقشة شرعية وفضل الجهاد
وفي نهاية كتابه عرض الكاتب القائد مناقشة شرعية عن جواز هذا النوع من العمليات في استهداف الأعداء، ونصيحة للقادة “بعدم الإفراط في العمليات الاستشهادية، فالحفاظ على كل مُجاهد واجب شرعي، فلا تكون العمليات الاستشهادية إلا في الأهداف الكبيرة التي تُحدث نكاية بالغة في العدو، فدم المسلم الواحد عندنا أغلى من دماء الشعب الأمريكي واليهودي مُجتمعين، ولأن تزول أمريكا بكاملها-دون المسلمين منهم- أهون علينا من قطرة دم مسلم.”
ثم عرض نصوصا عن فضل الجهاد
ليكون ختام كتابه: إشارات لقادة وعظماء وردت أسماؤهم في الكتاب.
إشارات لقادة وعظماء وردت أسماؤهم في الكتاب
حيث قدم الكتاب ملخصا عن سيرة كل قائد ومساهم في الجهاد في تلك الفترة التي تحدث عن تفاصيلها، وهم أسامة بن لادن مؤسس وأمير تنظيم القاعدة.
صبحي أبو ستة “أبو حفص الكومندان” أو”محمد عاطف”، المسؤول العسكري في التنظيم، ويعد من أبرز الشخصيات العربية في الساحة الجهادية الأفغانية أيام الغزو السوفيتي.
وفهد الكيني “أو أبو أسامة الكيني” أو أزمراي.
وشيخ سويدان أو أبو يحيى الكيني أو أبو عزام،كيني من أصول عربية.
وأبوعبد الرحمن المهاجر المصري، تخرج من كلية العلوم، والتحق بالجهاد الأفغاني في بداية التسعينات من القرن الماضي.
وهارون القمري أو أبو الفضل القمري، أو أبو لقمان، أو فضول عبدالله، أو أبو آسيا، من جزر القمر تلك الجزر القابعة في المحيط الهندي، والبعيدة عن المحيط العربي والإسلامي، إلا أنها تذخر بالأبطال الذين يسعون لنصرة دينهم وأمتهم، وكان منهم هارون القمري.
وعبد الوكيل أو أبو جهاد النوبي، أو مصطفى، أو أبو بلال، درس في كلية التجارة، والتحق بالجهاد الأفغاني، وانضم لتنظيم القاعدة في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وعزام المكي واسمه جهاد شاب في مقتبل العقد الثاني من العمر، عمل مع القائد الفذ الكبير “خطاب” –رحمه الله- في طاجيكستان,
و”العوهلي” ينتمي لأسرة ثرية في المملكة العربية السعودية، وصاحب مواهب وثقافة عالية، حمل شعاراً لازمه طوال جهاده” وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى”.
وأبو طلحة السوداني، درس في كلية الهندسة في الخرطوم، والتحق بصفوف المجاهدين في أفغانستان، وهو من أبرز المدربين في تنظيم القاعدة، في مادة الطبوغرافيا، والمساحة العسكرية، والمدفعية، وغيرها من العلوم العسكرية التي برع فيها.
وأحمد التنزاني، من أشجع الشباب، انضم لفريق العمل في نيروبي بعد ثمانية أشهر من البدء في التجهيز، وأحمد عبدالله المصري، أو أحمد الألماني، أحد عناصر الجماعة الإسلامية المصرية، وأحد كوادر التدريب بها،
وخلفان التنزاني، شارك في عملية دار السلام بعد مرور تسعة أشهر على بداية التجهيز، وساعد بشكل كبير في الأعمال الإدارية أثناء عملية التجهيز، وطُلب منه البقاء مع الأخ أحمد عبد الله حتى يوم التنفيذ ومن ثم المغادرة إلى جنوب افريقيا حسب طلبه، نسأل الله أن يفك أسره. بحسب ما ختم الكاتب كتابه.
الكتاب يقدم حصيلة خبرات ميدانية ثمينة ويكشف عن عقلية جهادية قوية مغامرة، لا تخشى الأعداء ولا شهرة أمريكية، كما تعرض فصولا عن طبيعة العمل الأمني والتفاعلات بين العاملين فيه، وكيف تدار المشاريع في أراضي بعيدة ومختلفة، وقدرات تنظيم القاعدة في إدارة العمل الخارجي. وأساليبه في تحقيق ذلك. إضافة إلى توصيات وتنبيهات للعاملين في ميادين الجهاد.