فيس نيوز تنشر تقريرا حول تصاعد النفوذ العسكري الأمريكي بشكل مثير في الصومال وفي القارة الإفريقية:

(شهادة)  – في تقرير جديد نشر على موقع فيس نيوز الأمريكي هذا الأسبوع سلطت الصحفية كرستينا غولدبوم الضوء على التعزيزات الضخمة لقواعد الولايات المتحدة في الصومال.

التقرير الذي حمل عنوان “التعزيز الضخم للقاعدة العسكرية يعكس أن حرب الظل الأمريكية في الصومال تتسع بشكل أكبر.” اهتم باستراتيجية الولايات المتحدة العسكرية في الصومال خاصة وفي القارة الإفريقية عامة.

قاعدة بالي دوغلي السرية

وكشف التقرير معلومات عن قاعدة سرية تابعة للجيش الأمريكي في بالي دوغلي في الصومال، تحديدا في قاعدة جوية سوفياتية قديمة في المنطقة، حيث تشهد القاعدة موجة بناء وتوسيع ، لتستوعب أكثر من 800 مهجع.

وقد اعتبر تقرير فيس نيوز هذه القاعدة دليلا على حرب الظل الأمريكية المتزايدة والجدلية في إفريقيا.

وطبقا لمقاولي وزارة الدفاع الأمريكية، فإن توسيع قاعدة بالي دوغلي جاء كجزء من مشروع تطوير البنية التحتية العسكرية الأمريكية في بلاد القرن الإفريقي، التي من المتوقع أن تشهد على الأقل 6 قواعد أمامية بنيت حديثا هذه السنة. في وقت يزداد فيه التصعيد العسكري الأمريكي ضد حركة الشباب المجاهدين التي على صلة مع تنظيم القاعدة.

بيلي دوغلي ، أو (بي – دوغ) بالأنجليزية كما يشار إليها بشكل عام من قبل الأمريكان في الصومال، كانت منذ فترة طويلة قاعدة تشغيل أمامية في جنوب الصومال. وهي تبعد عن مقديشو بالطائرة المروحية حوالي 40 دقيقة من التحليق أو مدة أيام بقيادة السيارة عبر تضاريس ملأت بالعبوات الناسفة التي زرعتها حركة الشباب المجاهدين. حسبما جاء في تقرير فيس نيوز.

تصاعد القوات الأمريكية

وبشكل متطابق مع تصريحات سابقة لوزراة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، أعلنت قيادة القوات  الأمريكية في إفريقيا، المعروفة باسم أفريكوم أن لديها الآن أكثر من 500 جندي أمريكي في الصومال، وقد اعتبر التقرير هذا الرقم مثيرا بسبب الأرقام المعلنة في السنة الماضية ، عندما أقرت أفريكوم بوجود 50 جنديا أمريكيا فقط في الصومال.

تصاعد القوات الأمريكية على الميدان رافقه تصاعد في الضربات الجوية التي تنفذ بطائرات بدون طيار، حيث أشار التقرير إلى أنه ومنذ يناير/كانون الثاني 2017، أجرت القوات الأمريكية على الأقل 48 ضربة جوية في الصومال، مقارنة مع 14 ضربة في 2016، و11 ضربة في 2015. وهذه النتائج أظهرها مكتب الصحافة الاستقصائي الذي مقره في لندن.

ولأنها قاعدة عسكرية سرية فإن الدخول “لبيلي دوغلي” يخضع لرقابة شديدة، لكن المقاولين الأمريكين والمسؤولين الأمنيين الصوماليين، الذين لهم دراية بالمشروع، أخبروا فيس نيوز أن عملية البناء بدأت في يونيو / حزيران الماضي.

من جهتها لم تعلق أفريكوم على سعة القاعدة الخاصة، ولكنها أكدت أن في الصومال الآن ثالث أكبر تجمع من الموظفين الأمريكيين في القارة الإفريقية. بعد جيبوتي والنيجر. بحسب ما ورد في تقرير فيس نيوز.

ويجدر الإشارة إلى أن التواجد الأمريكي في الصومال لم يكن معلنا ، بل حتى فترة قريبة فقط، كان عمل العشرات من الموظفين الأمريكيين مع جنود قوات الاتحاد الإفريقي (أميصوم) والقوات الخاصة للجيش الصومالي يتم بسرية وتكتيم. لكن التدفق الأخير للمصادر الأمريكية في البلاد يعكس درجة التدخل الأمريكي المتزايد وراء مهمة مكافحة ما يسمى الإرهاب بحسب تقرير فيس نيوز.

ونقلت كاتبة التقرير شهادة جندي صومالي في قاعدة “بيلي دوغلي” تحدث بشرط إخفاء هويته لأنه غير مخول للحديث مع الصحافة يقول فيها : “تضاعف حجم “بيلي دوغلي” في السنة الأخيرة، هناك المزيد من الأمريكان هنا الآن، وتأتي طائرات في كل يوم إلى القاعدة” .

 

الصومال محط أنظار إدارة ترامب

وعن الهدف من هذا التصعيد العسكري في الصومال، نقل التقرير تصريحات خبراء ومقاولين في النشاط العسكري ، يوضحون أن الولايات المتحدة تهدف إلى جعل الصومال موقعا استراتيجيا رئيسيا آخر للنشاط العسكري الأمريكي في إفريقيا والشرق الأوسط.

التقرير من فيس نيوز أشار أيضا إلى قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي صدرت في السنة الماضية ، حين أزاحت إدارته العديد من القيود من عصر أوباما على الضربات الجوية، بما في ذلك التدقيق داخل الوكالات قبل كل ضربة، وشروط تنفيذ الضربات على أن كل هدف يجب أن يسبب تهديدا مباشرا لحياة الأمريكيين.

ترامب أيضا حدد مناطق في الصومال كمناطق “عدوان نشطة”، ما يعني أن القوات الخاصة الأمريكية لديها الآن الصلاحية للذهاب هناك وشن هجمات تستهدف حركة الشباب بحسب ما ذكرت فيس نيوز.

الجنرال توماس د، والدهوسر، رئيس أفريكوم، أخبر المشرعين في مارس/ آذار – بالرغم من أن قواته كانت وراء اشتعال الأشهر الأخيرة في قتال حركة الشباب- أن الولايات المتحدة تستعد لمعركة طويلة الأمد. وقال:”ستكون بطيئة ، هذا لا شك فيه ، لقد قلت في عدة مناسبات، إنكم تقيسون تقدمكم في الصومال بثُمن البوصة، ليس بالياردات أو المسطرات”.

 

تصاعد النشاط العسكري الأمريكي في إفريقيا

وتقود أفريكوم عملياتها ضد ما يسمى الإرهاب عبر الصومال تحت تفويض استعمال القوة العسكرية، وقانون التشريع من الكونغرس، الذي صدر في أعقاب 11 سبتمبر والذي يضمن لأفريكوم الصلاحية العسكرية الشاملة في حربها على الإرهاب. وهو نفسه التفويض الذي استعمل لتبرير تمديد حضور القوات الأمريكية الخاصة في إفريقيا.

ففي 2006، فقط 1% من كل قوات المغاوير (الكمندس) الأمريكية التي تنتشر خارج أمريكا تم نشرها في إفريقيا، ولكن بحلول 2017، قفزت النسبة إلى 17%، ما يعني أن هناك قوات أمريكية في إفريقيا أكثر من أي مكان آخر في العالم بعد الشرق الأوسط. اليوم هذه القوات تنفذ تقريبا 100 مهمة في أي وقت كان وفي 20 بلد إفريقي على الأقل. بحسب تقرير عسكري داخلي، كشفت عنه فيس نيوز السنة الماضية.

ولدعم هذه القوات، تستمر الولايات المتحدة في بناء مجموعة من القواعد الأمامية عبر إفريقيا.

وبحسب فيس نيوز، فقد زعمت أفريكوم لمدة طويلة أن قاعدتها في جيبوتي، معكسر لومونير، التي تضم حوالي 4000 موظف أمريكي، هي قاعدة التشغيل الدائمة الوحيدة في القارة، ورغم ذلك في أبريل/نيسان 2017، اعترفت أفريكوم بامتلاك 46 قاعدة أمامية أمريكية في إفريقيا، 15 منها من التي تصنف “مواقع دائمة”.

وأكثر قاعدة أمامية شهرة في هذه التوسعات، هي قاعدة الطائرات بدون طيار الجديدة التي كلفت 110 مليون دولار ، وتقع حاليا في أغاديز في النيجر، والتي جذبت الانتباه فقط بعد مقتل 4 من قوات العمليات الخاصة في البلاد في السنة الماضية.

قاعدة النيجر الجوية 201، يعتقد أن تعمل بشكل جيد بحلول 2019. حين ستصبح مأوى الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار من نوع “ريبر” أم _كيو 9. المزودة بالرقابة والقابلية المميزة في أن تصل إلى عدد من البلدان الإفريقية في غرب وفي شمال القارة. وهي الطائرات التي  يتوقع أن تستعمل بشكل كبير في مستقبل عمليات القوات الأمريكية في القارة الإفريقية.

وبحسب التقرير فحاليا يتواجد في النيجر 800 موظف أمريكي لمهمة قتال القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى.

ضعف القوات الشريكة وراء مقتل الجنود الأمريكيين

وفيما فسر بضعف القوات الشريكة للقوات الأمريكية في إفريقيا، أرجع لوك هارتيج ، مدير كبير سابق في مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي أثناء إدارة أوباما، أرجع مقتل جندي من البحرية من قبل حركة الشباب المجاهدين خلال ما أسماه مهمة مساعدة القوات الصومالية المحلية، وبعد ذلك بشهر – بحسب أفريكوم- ، 4 آخرين من جنود القوات الخاصة الأمريكية قتلوا فيما يسمى مهمة تقديم النصيحة والدعم للقوات المحلية في النيجر.

وقال لوك هارتيج لفيس نيوز : “غالبا  في أي مكان أين نحن منخرطون في هذه العمليات، تكون مسألة استمراريتها وقدرة القوات الشريكة للعمل بشكل مستقل محط السؤال. وفي أغلب الأحيان ليس لدينا تقييم إيجابي لقدرتهم على فعل ذلك”.

القوات الصومالية تحت إدارة الأمريكيين

وعندما يتعلق الأمر بالصومال، فإن الولايات المتحدة متورطة جدا مع الكثير من القوات الشريكة. فاليوم الأمريكيون يدربون القوات الخاصة للجيش الصومال ، المعروفة ب (داناب) والاستخبارات الوطنية الصومالية (نيسا) المعروفة ب (غاشان) و(وران).

وبحسب التقرير تضم وران 300 عميلا، بينما تضم غاشان الآن ما يقارب الـ 400 عميل، وهذه زيادة هامة منذ 2010، حين كان ينقل 40 رجلا و3 ضباط من الجيش الصومالي  – فقط – للولايات المتحدة لتلقي التدريب،  كقوة رد فعل سريع عليها أن ترد على هجمات حركة الشباب في مقديشو بحسب تقرير فيس نيوز.

وقد أخبر مسؤولون في الأمن الصومالي فيس نيوز، بأن مدة انتداب كلا القوتين تم تمديدها في نفس الوقت بتوسيع صفوفها. وبحسب هؤلاء المسؤولين، تعتبر (غاشان) الآن كجزء من وحدة سرية معروفة بلجنة العمل، والتي تستهدف أعضاء حركة الشباب الأعلى أهمية.

وأكد التقرير بأن عملاء (غاشان)، تتم إدارتهم مباشرة من قبل القوات الأمريكية ولا يغادرون المربع الأمريكي داخل مقديشو في المنطقة الخضراء إلا في عطلة نهاية الأسبوع الصومالية.

 

العمل تحت التهديدات الأمريكية

وبحسب فيس نيوز فإن العديد من رجال الأمن الصوماليين القدامى والمسؤولين السياسيين وصفوا تلك القوة الديناميكية التي تمكن الأمريكيين من توجيه التهديد بحجب التمويل أو بالدفع لإطلاق النار على المسؤولين الصوماليين الذين يتحدون سلطتهم. وفي بعض الأحيان يستعملون القوات الصومالية التي دربها الأمريكيون، بدون الحصول على موافقة ولا حتى إشراف نظرائهم الصوماليين.

وقال وزير الأمن الداخلي الصومالي السابق، عبد الرزاق عمر محمد لفيس نيوز: “علاقة القوة هي تلك التي يفضلها الأمريكان ، إنهم يمتلكون اليد الطولى، وعندهم ورقة المساومة لفعل كل ما يريدون فعله” .

حركة الشباب البديل الأقوى فعالية

وفي الوقت الذي يبدو فيه ضعف القوات الصومالية المحلية عقبة في طريق القوات الأمريكية،  قالت تريسيا باتون، خبيرة سابقة في مكافحة الارهاب في وزارة الخارجية وحاليا باحثة في الشأن الصومالي : “لا تزال حركة الشباب أكثر بديل فعال للحكم”.. وأضافت:”يبقى الشباب مهيمنين على أغلب جنوب الصومال ، وطالما الجماعة تواصل تزويد الشعب بالحاجيات والخدمات، فإنه يمكن عرقلة عملياتهم ، ولكن مصدر قوة الجماعة سيبقى قويا كما كان.”

 

الخاتمة

وانتهى التقرير بعرض تساءل مسؤولين في الأمن عن قدرة الصوماليين على تأمين البلاد بأنفسهم وخشيتهم من أن تسقط المهمة على كاهل الجيش الأمريكي ومؤسساته الخاصة المرهقة بالأصل.

وفي حين وصف الصومال بـ”مستنقع” بسبب درجة التعقيد التي تواجه القوات الأمريكية فيه، وصفت الصومال أيضا، بـ “أفغانستان إفريقيا” حسبما نقلت فيس نيوز على لسان أحد المقاولين التابعين لوزارة الخارجية الأمريكية.

ويجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير جاء في وقت أعلنت فيه قوات الإتحاد الإفريقي “أميصوم” عن قرارها في سحب قواتها كاملة بحلول 2020، وتسليم القيادة الأمنية للبلاد ليد شركائهم الصوماليين ولكن يبدو أن ضعف أميصوم والحكومة الصومالية أمام حركة الشباب المجاهدين، هو الذي دفع القيادة الأمريكية إلى زيادة نفوذها العسكري في البلاد بشكل مثير. وهذا يعني أن أمد الصراع في القرن الإفريقي سيستمر إلى أن تنسحب القوات الأمريكية كما اضطرت للانسحاب منه في أواسط التسعينيات بعد فضيحة سحل الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشو.