داخل الآلة الإعلامية الرقمية لحركة الشباب المجاهدين

نشر موقع “آدو” المرصد الأفريقي للديمقراطية الرقمية بتاريخ 23 نوفمبر 2023، تقريرا يزعم فيه تتبع داخل الآلة الإعلامية الرقمية لحركة الشباب المجاهدين.
وبحسب التقرير الذي حوى الكثير من الخلاصات غير الملزمة، فـ”في الزوايا الخفية للإنترنت، حيث غالبا ما تبقى المنظمات “المتطرفة” (أي الجهادية) غير مكتشفة، أنشأت حركة الشباب شبكة رقمية معقدة. يتعمق هذا التقرير الاستقصائي في شبكة المنصات التي تستغلها الجماعة “المتطرفة” (الجهادية)، ويكشف النقاب عن وسيلتين إعلاميتين محوريتين”.
“في الزوايا المعتمة للإنترنت، حيث غالبا ما تتهرب البصمات الرقمية للمنظمات “المتطرفة” (الجهادية) من الكشف، تكمن شبكة متشابكة مدبرة بعناية من قبل حركة الشباب.” بحسب التقرير.
“تشن حركة الشباب (المجاهدين) “الإرهابية” تمردا عنيفا في جنوب ووسط الصومال وشمال كينيا منذ أكثر من عقد من الزمان. حيث استمرت الجماعة في هجماتها ضد القوات الحكومية وقوات (ما يسمى) حفظ السلام ومنظمات الإغاثة وسيطرت على مواقع استراتيجية مختلفة على مر السنين”. بحسب التقرير.
“ويتعمق هذا التحقيق الذي أجرته  Code for Africaكود فور أفريكا، في الشبكة المعقدة من المنصات التي تستغلها حركة الشباب، ويكشف عن وسيلتين إعلاميتين محوريتين: وكالة شهادة الإخبارية والكتائب”. على حد تعبير التقرير الذي جاء فيه عن سبب هذا العرض:”نكشف عن انتماءاتهم ونستكشف الشبكة المعقدة لنشر “المتطرفين” (المجاهدين)، ونسلط الضوء على التحدي الحاسم المتمثل في مكافحة “التطرف” (الجهاد) الرقمي في عصر التدفق السريع للمعلومات”.
وبحسب ما يزعم التقرير، “وكالة شهادة الإخبارية هي الناطق البارز باسم حركة الشباب وفروعها العاملة في كينيا والصومال. وتصف وكالة شهادة الإخبارية نفسها بأنها منظمة “مهتمة بأخبار شرق أفريقيا والصومال”، وتنشر بشكل استراتيجي على”شيب واير”، وهي منصة لا تتبع أي سياسات للإشراف على المحتوى. يمنح هذا الخيار المحسوب الجماعات “المتطرفة” (الجهادية)، حرية نشر محتواها دون رادع، متجاوزا المخاوف بشأن عمليات الإزالة. وفي آب/أغسطس وحده، استخدمت وكالة شهادة الإخبارية موقع “شيرب واير” للإبلاغ عن سبع هجمات نسبت إلى حركة الشباب. كانت جميع المنشورات باللغة العربية”، بحسب التقرير.
لقطة شاشة لحساب وكالة شهادة الإخبارية على “شيب واير”
“وفقا لمعلومات تسجيل موقع الويب على WhoisXML ، تعود جذور إنشاء وكالة شهادة الإخبارية إلى تاريخ  22 ديسمبر 2016 ، عندما استضافها كيان يسمى Enom Inc. Cadde Waasuge  ، وهي شركة إعلامية مقرها في هواو واداغ، عدن عدي، مقديشو، الصومال، مسجلة كمالك للحساب” على حد تعبير التقرير الذي في الواقع عجز عن تحديد تاريخ انطلاق وكالة شهادة.
ويدعي التقرير تتبعه للبريد الإلكتروني المستخدم في تسجيل نطاق وموقع وكالة شهادة الإخبارية على أنه حصل عليه من خلال أداة بحث عن البريد الإلكتروني تسمى Epieos ، ويزعم أن البريد الإلكتروني مرتبط برقم هاتف.
وبحسب التقرير، “يكشف تحقيق “سي إف إيه” عن مدى وصول وكالة شهادة الإخبارية، الذي يمتد إلى ما وراء “شيب واير” ويتسلل إلى المنصات الرئيسية مثل “إكس” (“تويتر” و”فيسبوك” سابقا. ويعتقد التقارير وجود ثلاثة حسابات تقوم بشكل منهجي بتكرار المحتوى من صفحة شيب واير الخاصة بوكالة شهادة الإخبارية على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو تكتيك تستخدمه الجماعات “المتطرفة” (الجهادية) في منطقة الساحل للتهرب من اكتشافها.” على حد تعبير التقرير.
لقطة شاشة لمنشور نشره @Gurey1140 حول سيطرة حركة الشباب على منطقة ماساجواي في جلجودود بالصومال

لقطة شاشة لمنشور كتبه @Gurey1140 عن عملية لحركة الشباب في منطقة كحدا في الصومال
ويعتبر التقرير مجرد مشاركة حساب على مواقع التواصل لمحتوى لوكالة شهادة الإخبارية، على فيسبوك أو تويتر، دليلا عل تبعيته، في حين يشير إلى أن الحسابات المعنية بذلك هي لنشطاء صوماليون، أحدهم في نيروبي، كينيا. وهو أمر طبيعي لمن يهتم لمتابعة أخبار منطقة الصومال وشرق إفريقيا. لكن التقرير لا يشير لهذه الجزئية، ويركز على محاولة تصنيف المشارك بالانتماء للحركة.
لقطة شاشة تظهر الأماكن التي عاش فيها عبد السلام
لقطة شاشة لمنشور من قبل @abdisalambahdon يشارك محتوى وكالة شهادة الإخبارية حول إصابة عمدة منطقة ماساجواي
لقطة شاشة لمنشور @abdisalambahdon يشارك محتوى وكالة شهادة الإخبارية حول تفجير مركبة مدرعة في تاناريفا، لامو، كينيا

 

تعليق وكالة شهادة الإخبارية على تقرير موقع “آدو” المرصد الأفريقي للديمقراطية الرقمية

 

يظهر لنا التقرير حالة الفشل والتخبط التي تعيشها مراكز المراقبة للنشاط الجهادي والجماعات الإسلامية التي بلغت مبلغا مثيرا للشفقة، فكل ما نرى التقرير يحشده من تتبع نشاط للوكالة إنما يعكس الولع الغربي باحتكار المصادر الإخبارية والهيمنة على منافذ الأخبار والمعلومات الميدانية، واضطهاد وقمع كل منبر حر لا يتفق مع الرواية الغربية التي تخدم أجندات الهيمنة والاحتلال في العالم الإسلامي. فضلا عن ضعف إحاطته بحقيقة النشاط الإعلامي للوكالة.
إنه التناقض الصارخ الذي يكشف البون الشاسع بين شعارات الغرب حول حرية التعبير والديمقراطية وبين سياسة الاضطهاد والمطاردة لكل منبر إعلامي حر، وهو الدليل على درجة إفلاس واضطراب الغرب وفشله في استيعاب أن الصحافة الحرة لا تقبل الخضوع لقيود الاستعباد الغربي الذي يحاول فرضه على حرية الكلمة.
وجميع ما حشده التقرير ليس فيه أي معلومة ذات قيمة، إلا محاولة بائسة للإضرار بناشطين ينقلون رواية مختلفة عن الغرب من مصادرها، وواضح أنها حسابات لأصحابها المعنيين بشؤون بلادهم، ببريد إلكتروني وهوية واضحة وبرقم هاتف رسمي، ما يؤكد على أن الصحافة مهددة، بقيود الغرب المضطهدة لحرياتهم. لقد أصبح مجرد مشاركة منشور عن وكالة شهادة جريمة بمفاهيم التقرير، وأصبح مجرد فتح حساب يستشهد مرة أو مرتين بخبر من وكالة شهادة لمتابعة الأحداث متهما، وهذا هو الطغيان الذي يطارد الحسابات على مواقع التواصل على الكلمة.
ومما يكشف أيضا درجة ضعف التقرير في فهم استراتيجية وكالة شهادة في النشر، جهله بأن الموقع يعمل بشكل علني، على الشبكة، وأن له حسابات ينشر فيها بشكل رسمي، مثل جميع المنصات الإعلامية وأن مشاركة خبر ينشره لا يعني الانتماء لحركة الشباب، ولا حتى نشر أخبار الحركة يعني بالضرورة الانتماء لصفوف الحركة وهو إلزام يستخدمه الغرب عادة في محاولة تقويض أي منبر يحاول نقل الرأي الآخر والصوت الآخر المكتوم لما يجري في الواقع.
لقد أعطى الغرب حريات للشواذ والحيوانات وكل ما يناسب أجندته الليبرالية، لكنه لا يعطي أبدا حرية للصحافة التي لا تقبل الخضوع لروايته للصراع.
لقد أثبت هذا التقرير درجة الإفلاس الذي وصل له المراقبون حتى بات تتبع بريد إلكتروني وموقع نشر لخبر في الصومال، يسبب لهم حالة هلع، وهذا إن دل فإنما يدل على درجة خشية الغرب من فضح كذب روايتهم وحقيقة عدم مصداقيتهم ونزاهتهم في نقل الأخبار، وهو ما نسعى في وكالة شهادة لمنع تداعياته، بتوفير مساحة للصحافة الحرة بمصداقية ونزاهة في نقل الحقيقة كما هي، دون تدخل التدليس والتحريف والكذب والافتراء الذي تمارسة الآلة الإعلامية الغربية لتضليل شعوبها وشعوب المسلمين.
ومع أن كل ما يجري هو نقل أخبار حقيقية من الواقع، إلا أن التقرير يظهر حالة “السعار” التي أصابت المراقبين للنشاط الجهادي خشية أن يعرف الناس الحقيقة التي يحاولون طمسها. وإن كان من وصف لهدف وفحوى هذا التقرير الغبي والفاشل والفقير للأخلاق والمهنية الإعلامية، فهو الجبن والخشية من مواجهة الحقائق.
وقد أكدت وكالة شهادة مرارا وتكرارا أنها منبر صحفي حر مستقل، لا يقبل الإملاءات ولا يخضع للابتزاز والتشويه والتوظيف الرخيص لمحاربة حرية الصحافة من المستبدين والطغاة.
ويمكن الاطلاع على بيان وكالة شهادة لنفي محاولات ربطها الخبيثة بهدف منع تغطيتها من الوصول للجماهير الذي يرفضون أن يساسوا بالإعلام الغربي المخادع والمضلل الذي أثبت عدم مصداقيته ونزاهته حين يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي، في بيان بعنوان:  بيان من وكالة شهادة الإخبارية: نفي مزاعم الحكومة الصومالية المضللة بشأن وكالة شهادة الإخبارية
نحن بحاجة ماسة لاستقلال إعلامنا ومنصاتنا الإخبارية عن “سياسية الشرطي الغربي” الذي يحاول من خلال القمع لحرية التعبير والمطاردة للمنابر المستقلة عن روايته، فرض هيمنته وفساد فكره وسياساته، وهو ما يتفق معه ما يؤكده الروس في كثير من الانتقادات التي نشروها بشأن السياسة الإعلامية الغربية المنحطة والتي تتستر باسم الديمقراطية وحرية التعبير، بينما هي سياسة الدجل والكذب والتضليل الإعلامي.
ثم ينتقل التقرير بعد ذلك لتتبع نشاط مؤسسة الكتائب، الجناح الإعلامي لحركة الشباب المجاهدين.

منصة الكتائب للوسائط المتعددة

 

وبحسب التقرير “الكتائب منبر آخر لحركة الشباب المجاهدين وتتخصص هذه الوسيلة الإعلامية في نشر الوثائق البصرية لعمليات حركة الشباب، مما يوفر نافذة على أنشطة الحركة بحسب التقرير، وتحتفظ الكتائب، التي تعمل بشكل أساسي من خلال تليغرام، بقنوات ومجموعات متعددة تستخدم عدة لغات، بما في ذلك البنغالية، وهي لغة بارزة في بنغلاديش”.
 
لقطة شاشة لقناة الكتائب البنغالية
 
يعلق التقرير على ما وصفه إحدى قنوات “الكتائب” على تليغرام، على أنها إحدى القنوات التي تعيد مشاركة المحتوى “المتطرف” (أي الجهادي) من عدة قنوات خاصة لا يمكن الوصول إليها من قبل المتطفلين. وتلقت إحدى القنوات ذات الأهمية الخاصة، المسماة “مؤسسة كي تي”، أكبر عدد من عمليات إعادة المشاركة من قبل الكتائب. ويضيف التقرير:”كانت هذه القناة، مثلها مثل القنوات الأخرى، خاصة. وبالنظر إلى الأحرف الأولى من اسم KT، فإننا نشك بشدة في أنها قد تكون تابعة لكتائب، ومن المحتمل أن تشير إلى “مؤسسة الكتائب”. بحسب ما يرى التقرير الذي يظهر هلوسة بالتفاصيل العادية جدا.
 
لقطة شاشة لقناة “الكتائب”

 

لقطة شاشة لقناة مؤسسة KT الخاصة
 
ويحاول التقرير أن يربط بطريقة غير ملزمة الكتائب بوكالة شهادة الإخبارية على الرغم من أن وكالة شهادة مجرد منصة إخبارية وأن ما يحاول فرضه من ربط اسم مستعار “رضوان” تم رصده خلال التببع لنشاط الكتائب والوكالة، كدليل على ارتباط الطرفين، لا يرتقي لمستوى قرينة فكيف يكون دليلا.

لقطة شاشة لمجموعة “الكتائب الإعلامية” التي شارك فيها أحد الأعضاء رابطا لمجموعة “وارسيد رضوان”
 
ويزعم التقرير وجود علاقة محورية بين الكتائب ووكالة شهادة الإخبارية، مما يشير إلى وجود شبكة أو انتماء مشترك. ويلقي التفاعل المعقد بين هذه الأذرع الإعلامية الضوء على عمق الانتشار الرقمي لحركة الشباب وتطور آلتها الإعلامية”.
ويزعم التقرير الذي يستغفل عقول قرائه أن اكتشافه هذا يكشف الحاجة الملحة لمراقبة ومكافحة الوجود الإعلامي الرقمي للحركة الجهادية. بالإضافة إلى ذلك، يدعي التقرير بكل صفاقة أن ما عثر عليه من علاقة يخترعها بين الكتائب ووكالة شهادة الإخبارية من ارتباط مزعوم “يسلط الضوء على الأهمية الحاسمة للتعاون العالمي في تحييد التهديد الذي يشكله هؤلاء المتلاعبون البارعون بالفضاء الإلكتروني أثناء استخدامهم لنفوذهم لتوسيع نطاق وصولهم “المتطرف” (الجهادي) في منطقة الساحل وخارجها.”
ما يدل على درجة الإفلاس والسطحية التي وصل لها التقرير الذي يخفي حقيقة أن أكبر متلاعب بالمحتوى الإعلامي والصحفي في العالم هو الغرب الذي يستجدي التمويل من مؤسساته العسكرية والأمنية بإخراج مثل هذه التخمينات المضللة على شكل تقارير، لصالح ما يسمى “مكافحة الإرهاب”. ويبدو أن الغرب من خلال فشله في مكافحة هذا الإرهاب ميدانيا قد صنع الكثير من الكتاب والباحثين المتسلقين الذين يحاولون كسب شيء من وراء التملق بكتابة تقارير تعرض الخطط والأفكار لمحاولة قمع حركة المعلومات في الشبكة.
وفي الختام، إن العالم على صفيح من النار، وفكرة أن يستمر الغرب في لعب دور شرطي العالم قد فشلت وأثبتت عدم جدواها وواقعيتها، واستمرار الغرب في احتكار حرية الكلمة هو أول أسباب إصرارنا على انتزاع هذه الحرية المشروعة بكل مصداقية ونزاهة صحفية.

لتحميل المقالة بصيغة PDF