ثورة السودان صامدة رغم سياسة القمع والتصفية والتهديد والمعارضة توحد صفوفها وتتحدى البشير

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

خرج السودانيون الجمعة الماضية كما كل جمعة –بالآلاف- يرددون الهتافات المناهضة للحكومة ويطالبون بتحقيق العدالة وإسقاط الرئيس عمر البشير وحكومته، في تحول كبير منذ أول يوم لانطلاقتها في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018. حيث كانت الهتافات تطالب فقط بتحسين الوضع المعيشي وتخفيف الضرائب وأسعار المواد الأساسية.

 

وقد شهدت معظم أنحاء السودان انقطاعًا مفاجئًا للتيار الكهربائي للمرة الثانية خلال شهر واحد، في نفس الوقت الذي خرج فيه السودانيون في احتجاجات عارمة، في العاصمة السودانية الخرطوم. والأقاليم الأخرى للبلاد.

 

ولم يوضح مركز التحكم في توزيع الكهرباء في حينه الأسباب التي أدّت إلى انقطاع الكهرباء بهذا الشكل. في حين أرجعها فيما سبق لعطل فني في الخط الناقل للكهرباء.

 

وصعّدت الثورة السودانية من حدّتها بسبب العنف والقمع الذي سلطته الحكومة السودانية على المحتجين منذ البداية، وكان منه اعتقال المئات وإخضاعهم للتعذيب والتغييب التام، كما وصل الأمر إلى قتل المعتقلين. كما حدث مع أحمد الخير عوض الكريم، أحد المدرسين من مدينة  “خشم القربة” شرق السودان، والذي اعترفت النيابة العامة بأنه قتل بسبب ضربه بآلة صلبة أثناء التحقيق معه من قبل أمن المدينة الذي أخفى هذه الحقيقة. مما دفع بالسكان في هذه المدينة للخروج في ثورة من الغضب بشكل يومي، تطالب بإسقاط البشير والقصاص من قتلة المدرس.

 

ويجدر الإشارة إلى أن الاحتجاجات في العاصمة الخرطوم تخرج كل جمعة  في كل أحياء المدينة، وأبرز هذه الأحياء حي “بري” العريق، الذي يعتبر من مراكز الثورة المشتعلة باستمرار، وقتل من سكانه خلال الاحتجاجات كما شهدت منطقة “أم درمان” تصعيدًا مستمرًا وبقي اسمها في شريط أخبار الثورة منذ انطلاقتها.

 

محاولة لتمديد فترة حكمه أكثر من 30 سنة

ويحكم البشير السودان منذ يونيو (حزيران) 1989. ولا زال متشبثا بكرسي الحكم بعد الثلاثين سنة التي قضاها السودانيون في قمع وتضييق، دون تحقيق إنجازات تستحق أن تُذكر. وهو يسعى اليوم لإجراء تعديل في الدستور كي يتمكن من الحصول على دورة رئاسية جديدة في الانتخابات المرتقبة في 2020.

 

ويتوقع أن تعقد اللجنة الطارئة لدراسة التعديلات الدستورية – لأجل ذلك- اجتماعًا لمناقشة تعديل الدستور للسماح للبشير بالترشح للانتخابات المقبلة.

 

 اتحاد قوى المعارضة

ويواجه البشير بهذه الثورة السودانية تحديًا هو الأخطر منذ توليه السلطة خاصة بعد أن وحّدت قوى المعارضة السودانية صفوفها، مع تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الثورة.

 

وأكدت قوى المعارضة المتحدة على أنها ستواصل الثورة، بطريقة سلمية ومع ذلك لقيت تهديدات مباشرة من السلطات السودانية واتهامات لها باستخدام العنف.

 

السودانيون المغتربون يدعمون الثورة

وتضامنا مع الثورة السودانية، خرج الآلاف من السودانيين بجنسيات أمريكية في مسيرة ضخمة من الكونغرس إلى البيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن.

 

وأكد المتظاهرون أنهم يساندون مطالب الثورة السودانية، وعلى رأسها رحيل عمر البشير، والإفراج عن المعتقلين، وحرية التعبير عن الرأي.

 

محاضرة عن الأمن من ممثل بلد يحنّ للأمن

ورغم ما تمر به السودان من ثورة تهدد البشير وحكومته، شاركت الأخيرة في مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا، وقد أرسلت ممثلا لها في هذا المؤتمر وهو وزير الخارجية الدرديرى محمد أحمد.

 

ويهدف المؤتمر لمناقشة السياسات الدولية والتحديات الأمنية على مستوى العالم بمشاركة عدد من الرؤساء ووزراء الخارجية ومديرى أجهزة الأمن والمخابرات عبر أنحاء العالم.

 

وفي استجابة لدعوة الوكالة الألمانية للتنمية، من المقرر أن يلقي وزير الخارجية، على هامش أعمال المؤتمر، محاضرة حول “بناء الأمن الإقليمي في إفريقيا” فيما اعتبر مهما للأداور المؤثرة التي يقوم بها السودان من أجل دعم استقرار الأمن والسلم في القارة.

 

وهو ما يعكس مشهدًا مناقضًا لما تعيشه السودان من ثورة وعدم استقرار وأزمات لم تتمكن الحكومة السودانية من تجاوزها في بلادها فكيف ستحقق ذلك في القارة برمتها.

 

وفي سياق متصل أعلنت الحكومة السودانية عن مشاركة وزير دفاعها، الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، في أعمال الملتقى والمؤتمر العالمي للصناعات الدفاعية (آيدكس 2019) في نسخته الرابعة عشرة بالعاصمة الإماراتية أبوظبي.

 

أكبر تحدي أمام الثورة

ويتوقع المراقبون أن تواصل الثورة السودانية طريقها على نفس الوتيرة، إلا أنهم يحذرون من أن نسب نجاحها مرتبطة بعوامل عديدة، أهمها عامل إسقاط الهيمنة.

 

حيث قال الدكتور أكرم حجازي في تغريدة له على حساب تويتر: “قد أثبتت الاحتجاجات الشعبية بصورة قاطعة أن سقوط رموز الاستبداد لم ولن يُسقط قواعد الاستبداد فضلا عن إسقاط قواعد الهيمنة.

 

ومن الغبن الشديد والضلال المبين الاعتقاد بأن قوى الهيمنة ستستلم في لحظة ما لما يسمى بالدولة المدنية أو الدولة الإسلامية”.

 

في إشارة إلى أكبر تحدي يقف أمام ثورات الشعوب، وهي مستخلصة من أسباب فشل ثورات الربيع العربي التي انطلقت بنفس قوة الثورة السودانية ولكنها واجهت ثورة مضادة أفشلت مساعيها رغم كمّ التضحيات.

 

فهل سيتستفيد السودانيون من ثورات من سبق؟ في الواقع تبقى حظوظهم أقوى من غيرهم، كون تاريخ السودان يعرف نجاحًا لثورات سابقة وكونهم أحاطوا معرفة بأسباب إجهاض الثورات المجاورة.