تقرير تصاعد هجمات حركة الشباب المجاهدين في كينيا يستدعي حلولا محلية

في الأسابيع الثلاثة الماضية، قتل أكثر من 30 من ضباط قوات الأمن بعبوات ناسفة في أكثر من 10 هجمات في مقاطعتي غاريسا ولامو شمال شرق كينيا. واتهمت حركة الشباب المجاهدين بالهجمات وغيرها من الهجمات التي وقعت على مدى عدة سنوات بحسب تقرير نشر على معهد الدراسات الأمنية.
وبحسب التقرر قتل ضابطان من وحدة الاستجابة السريعة في 7 حزيران/يونيه عندما اصطدمت مركبة الدورية التابعة لهما بعبوة ناسفة في قرقورة في مقاطعة مانديرا. وفي الفترة من 7 إلى 12 حزيران/يونيه، استهدفت عدة كمائن ضباط قوات الدفاع الكينية ووحدة مجموعة العمليات الخاصة والهياكل الأساسية الهامة، بما في ذلك مركبة محمية من الكمائن مقاومة للألغام.
وأصبحت العبوات الناسفة البدائية الصنع الأسلحة المفضلة لدى حركة الشباب في كينيا والصومال بسبب سهولة حملها وسهولة تجميعها وتأثيرها المدمر على المركبات والخوف الذي تزرعه في نفوس مستخدمي الطرق. وفي الفترة ما بين 13 و25 حزيران/يونيه، أصبحت الهجمات أكثر دموية، مما أسفر عن مقتل 20 جنديا من قوات الدفاع الكينية، وضباط كانوا يستقلون مركبات الخدمة العامة، ومدنيين في مقاطعتي لامو ومانديرا بحسب التقرير.

 

المقاطعات في كينيا المتضررة من هجمات الشباب الأخيرة

 

 

وبعد دخول قوات الدفاع الكينية الصومال في عام 2011 للمساعدة في محاربة حركة الشباب، طالبت الحركة بالانسحاب غير المشروط لكينيا. وقامت قوات الدفاع الكينية بتهجير الجماعة الجهادية من ميناء كيسمايو في جنوب الصومال ومدن رئيسية أخرى، وبعد ذلك انضمت القوات الكينية إلى بعثة الاتحاد الأفريقي لفرض الهيمنة الغربية في الصومال.
وكينيا هي واحدة من الشركاء الإقليميين الرئيسيين في جهود تحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في الصومال. ومنذ عام 2011، ردت حركة الشباب بشن هجمات مدمرة في المقاطعات الحدودية الكينية وضد البنية التحتية الحيوية في مدنها الرئيسية. كما تقوم المجموعة بتجنيد الشباب المحليين من خلال الاستفادة من السخط وخطابات الظلم التاريخي الحقيقي والمتصور والتخلف في المقاطعات ذات الأغلبية المسلمة بحسب التقرير.
ويعتقد خبراء أمنيون كينيون أن الزيادة الأخيرة في الهجمات قد تكون بسبب الهجمات المضادة في الصومال من قبل الجيش الصومالي وقوات الدفاع الكينية وبعثة الاتحاد الأفريقي وهجمات الطائرات بدون طيار من قبل الشركاء الدوليين.
وتزعم تقارير استخباراتية أن أعدادا صغيرة من المقاتلين عبرت الحدود منذ أسابيع، وانضمت إلى المجتمعات المحلية القريبة.
ويقول ماثينغي ندونغو من مبادرة كيونغا للشباب إن تواتر الهجمات في مقاطعة لامو الكينية يرجع إلى ضعف البنية التحتية التي تفاقمت بسبب الأمطار الغزيرة، مما يجعل الدوريات الأمنية صعبة. كما أن الشباب الفقراء في المنطقة معرضون للدفع من قبل حركة الشباب للمساعدة في زرع العبوات الناسفة بحسب التقرير.
وكان من المقرر إعادة فتح المراكز الحدودية بين كينيا والصومال، التي أغلقت منذ عام 2011، على مراحل بين 15 حزيران/يونيه و15 آب/أغسطس عقب اجتماع وزاري بين البلدين في 15 أيار/مايو. ولكن في 5 يوليو/تموز، أعلنت الحكومة الكينية أن إعادة فتح أبوابها ستتأخر في أعقاب موجة الهجمات عبر الحدود بحسب التقرير.
وعلى الرغم من إغلاق الحدود، استمرت تحركات الناس والماشية والاتجار غير المشروع بالسكر وغيره من السلع المهربة على قدم وساق. سمح الإغلاق الطويل للنقاط الحدودية لحركة الشباب بالسيطرة وفرض الضرائب وجمع الأموال لإدارة عملياتها من خلال شبكات تهريب معقدة تضم تجارا يجلبون الممنوعات إلى كينيا بحسب التقرير.
وقد حث المسؤولون الكينيون الناس على تقديم أي معلومات حول وجود حركة الشباب، خاصة بعد الادعاءات الأخيرة بانضمام المقاتلين إلى المجتمعات المحلية. وقال وزير الدفاع آدن دوالي إن المتعاطفين مع حركة الشباب أو الأشخاص الذين يساعدونها “لن يسلموا من الحرب ضد الإرهاب”. وقد أثار هذا البيان مخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان من قبل الأجهزة الأمنية الكينية – وهو اتهام تم توجيهه إليهم من قبل بحسب التقرير
وتم إطلاق الخطة الاستراتيجية للوكالة الكينية لحماية الشهود 2023-28 في 22 يونيو، لتشجيع المدنيين على تقديم معلومات استخباراتية متعلقة بالأمن. وتهدف الوكالة، التي يدعمها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى حماية أولئك “الذين يواجهونخطرا محتملا أو تخويفا بسبب تعاونهم مع النيابة العامة وغيرها من وكالات إنفاذ القانون”.
لكن أمام الوكالة طريق طويل لتقطعه في “ضمان أن يكون وجودها وتفويضها واستراتيجيتها الجديدة معروفة للجمهور والوكالات الأمنية والإدارية الحكومية الشعبية الأخرى،” كما يقول دومينيك بكاليا، وهو خبير مقيم في نيروبي في منع التطرف العنيف ومكافحته. وحذر من أنه بدون التعاون بين الوكالات، بما في ذلك مع المركز الوطني لمكافحة ما يسمى الإرهاب، قد لا تكون الاستراتيجية ناجحة للغاية بحسب التقرير.
وفيما يتعلق بالإجراءات العسكرية للتصدي لتهديد حركة الشباب، قال دوالي إنه سيتم تحديث قوات الدفاع الكينية وتجديد مدفعية الشرطة لمواجهة الهجمات بشكل أفضل. وتأمل قوات الدفاع الكينية في الحصول على ناقلات جنود مدرعة يمكنها اكتشاف العبوات الناسفة بشكل أفضل بحسب التقرير.

 

الاستثمار في المجتمعات المتضررة يمكن أن يقلل من نقص الثقة بين السكان وقوات الأمن

 

وفي نقاش برلماني عقد مؤخرا، حذر ديدو راسو وفرح معلم من شمال كينيا من سحب قوات الدفاع الكينية من الصومال ردا على زيادة هجمات حركة الشباب. وقالوا إن هذا سيأتي بنتائج عكسية وقد لا يقلل من الهجمات. وقالوا إن بناء قدرة المجتمع على الصمود من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية ومكافحة الشباب كان أفضل. كما دعوا إلى تحسين الأجور والغذاء والأسلحة لجنود الاحتياط في الشرطة الوطنية، التي تضم مجتمعات محلية، لمطاردة الجهاديين بحسب التقرير.
وأكد رشيد عبدي، المحلل الأمني في القرن الأفريقي، على الحاجة إلى الاستثمار في المجتمعات المتضررة، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية والحد من نقص الثقة بين السكان وقوات الأمن. وقال إن السكان المحليين بحاجة إلى لعب دور أكبر في القرارات الأمنية من أجل معالجة استياء المجتمع الذي يستغله الجهاديون في كثير من الأحيان بحسب التقرير.
وما يجعل مهمة الكينيين مستعصية في وضع نهاية للتمرد الجهادي في داخل كينيا هو وجود حاضنة شعبية مناصرة لمقاتلي حركة الشباب المجاهدين ممن يتفقون مع الحركة في فهم الصراع الدائر بين كينيا والصومال وهي حاضنة تقدم التسهيلات والجنود مما يقوي الصعود الجهادي في المنطقة كلما عاندت كينيا الخروج من الصومال والاعتراف بحقوق المسلمين.
يذكر أن القيادة العسكرية لحركة الشباب قد توعدت كينيا بالانتقام للقصوفات التي نفذتها مؤخرا على منازل المدنيين وشركة الاتصالات في ولاية جوبا جنوب البلاد والتي تسببت في سقوط قتلى مدنيين وخسائر مادية.