امتناع الحكومة الصومالية عن التصويت لإدانة الاستيطان يكشف التأثير الإسرائيلي في المنطقة
تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية
امتنعت الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب عن التصويت لصالح مشروع قرار بإدانة الاستيطان الصهيوني في هضبة الجولان المحتلة الذي تقدمت به باكستان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وذلك بعد يوم من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الوقت قد حان للاعتراف بسيادة “إسرائيل” على الجولان.
ويجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصومالية كانت من بين خمس دول امتنعت عن التوصيت للقرار في حين انتهى التصويت بتبني المجلس لمشروع القرار الباكستاني بتأييد 26 دولة ومعارضة 16.
تأثير السياسات الإسرائيلية
وقد سلط امتناع الحكومة عن التصويت لإدانة الاستيطان الضوء على تأثير السياسة الإسرائيلية المعلنة مؤخرًا لتوطيد علاقاتها مع الحكومات في العالم الإسلامي.
وأكدت التقارير اليهودية من جهتها بأن “المصالح الإسرائيلية من إقامة العلاقات مع الصومال وسواها من الدول الأفريقية واضحة، وعلى رأسها تغيير موجة التصويت في المؤسسات الدولية لصالحها، وتمهيد الطريق أمامها للحصول على مقعد مراقب في الاتحاد الأفريقي، وتوسيع رقعة التجارة بين إسرائيل والقارة الأفريقية، وتقديم الدعم لدولها في مجالات الزراعة والأمن”.
وشهدت الآونة الأخيرة فيما يعتبر توطئة لتمرير ما يُسمى “صفقة القرن” توطيدًا للعلاقات مع حكومات العالم الإسلامي حيث أعلنت العديد منها التطبيع مع تل أبيب، ومن بين الدول الإفريقية التي أعلنت عن زيارات ودية متبادلة مع “إسرائيل” دولة التشاد.
وبحسب المصادر اليهودية فإن “إسرائيل تواصل دبلوماسيتها باتجاه القارة الأفريقية في ضوء شبكة المصالح التي قد تحققها من التقارب مع بعض دولها، وآخرها الصومال، في ضوء مواقفها من إسرائيل والقضية الفلسطينية”.
لا يمثل الشعب الصومالي
وقد أثار امتناع الحكومة عن التصويت ثورة غضب في الشارع الصومالي وردود سخط على مواقع التواصل الاجتماعي تندد بموقف الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب الذي لا يمثل الشعب الصومالي.
ويرى المراقبون أن قرار الحكومة لا يمثل الشعب الصومالي الذي يؤيد الموقف الفلسطيني بشدة منذ بداية الاحتلال اليهودي لفلسطين، كما يذكر التاريخ طرد الصوماليين لليهود من بلادهم في عام 1967 بعد الحرب وإعلانهم العداء لهم بشكل علني. ويذكر أيضا تنديد الصوماليين بشدة في عام 2017 بالاستفزازات الصهيونية بوضع إسرائيل البوابات الإلكترونية في المسجد الأقصى .
التحدي الأكبر للطموح اليهودي
ويرى المراقبون أن الطموح اليهودي في الوصول إلى الصومال يقف أمامه التحدي الأكبر، وهو حركة الشباب المجاهدين، حيث لفت موشيه ترديمان في مقاله على منتدى التفكير الإقليمي، لفت الانتباه لبيان حركة الشباب عقب هجوم 15 كانون الثاني/ يناير الذي استهدف “مجمع 14 ريفرسايد دوسيت” في العاصمة الكينية نيروبي، وقتل فيه أكثر من خمسين شخصًا من بينهم عدد من الأجانب كان منهم مواطن يهودي أمريكي. لفت الانتباه إلى أن العملية التي نفذتها الحركة تم تنفيذها اعتراضًا على اعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
من جهته أوضح ترديمان مؤسس معهد أبحاث الإسلام والمسلمين في أفريقيا، وباحث زميل في مركز عيزري للدراسات الإيرانية بجامعة حيفا، أن “حركة الشباب تتخذ مواقف مناصرة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل بشكل مستمر، وتعلن أيضا عن نواياها بمحاربتها وطردها من الأماكن المقدسة والدفاع عن المسجد الأقصى، ما يطرح أسئلة عن علاقة الصومال بالقضية الفلسطينية، والموقف من إسرائيل”.
ويجدر الذكر أن تريدمان سلط الضوء أيضا على موقف الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب التي وصفها معنية بعلاقات مع “إسرائيل” لخبرتها بمحاربة الجماعات المسلحة وإعادة الإعمار. وضرب تريدمان مثالا تاريخ نيسان/ أبريل 2016، عندما تحدثت الصحافة الإسرائيلية والصومالية عن لقاء نتنياهو والرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمد في نيروبي، وهو ما سارعت الخارجية الصومالية لنفيه خشية المعارضة الشعبية.
صومالي لاند وإسرائيل
وتتحدث التقارير الإسرائيلية عن ترحيب إدارة إقليم صومالي لاند بإقامة علاقات وطيدة مع إسرائيل طمعا في كسب اعترافها بالإقليم كدولة، وهو ما لا يمكن أن تقدمه إسرائيل للإقليم كونه لا يخدم مصالحها، لكنها تستغل علاقاتها معه لأجل المصالح التجارية والسياسية.
وتهتم إسرائيل بالصومال في خريطة المصالح لتأسيس موطئ قدم لها في خليج عدن والبحر الأحمر وهو ما تخوله لها علاقتها الوطيدة مع صومالي لاند.
دوافع الجرأة
ويرى المراقبون أن جرأة إسرائيل في بحثها توطيد العلاقات مع دول العالم الإسلامي لم يأتي من فراغ بل يدفعه طبيعة العلاقات السعودية الإسرائيلية الودية والعميقة ثم التجاوب القوي والمشجع بعد سياسة جس النبض التي استعملتها إسرائيل مع هذه الحكومات.
محاولة للتهدئة
وبعد السخط الذي أثاره خبر الامتناع عن التصويت من قبل الحكومة الصومالية لإدانة الإستيطان في الجولان، سارعت الحكومة لاستدعاء سفيرتها في جنيف فاطمة عبد الله محمود “إنسانية” وطالبتها بالعودة خلال مدة أقصاها أسبوع. في محاولة لتهدئة الشارع الصومالي الغاضب.
من جهتها أعلنت حركة الشباب المجاهدين عداءها المباشر لإسرائيل كدولة محتلة لفلسطين ووضع كأولية في قائمة أهدافها استهداف اليهود وقتالهم وتحرير الأراضي المحتلة من العدوان الإسرائيلي. وكانت آخر عملياتها الخارجية بعنوان “القدس لن تهود” حلقة من سلسلة من العمليات التي خصصتها لهذا الهدف وهو استهداف المصالح الإسرائيلية حيثما وجدت.