الفساد أكبر تهديد لأحلام كينيا في تأمين الغذاء

تقرير خاص لوكالة شهادة الإخبارية

انتقدت صحيفة “ذي ستندارد” الكينية بشدة الفساد الحكومي في كينيا الذي يشكل أكبر تهديد أمام البلاد لتأمين الغذاء للشعب الكيني.

 

وجاء في مقال نشرته الصحيفة:”إنه لأمر مخزي أن تكون بلاد تشكل الزراعة نشاطها الاقتصادي الرئيسي ثم لا يمكنها النمو بصورة كافية تسمح بتوفير الغذاء لشعبها وللأسف فذلك هو حال كينيا”.

 

وسلطت الصحيفة الضوء على احتياط الغذاء الاستراتيجي في البلاد والذي يشمل فقط 1 مليون من أكياس الذرة، والتي تمثل كمية يمكنها بالكاد تأمين الغذاء للشعب الكيني لمدة أسبوعين فقط.

 

وقد حذّرت الحكومة الكينية من أن أكثر من 2 مليون كيني على شفا المجاعة التي تبدأ هذا الشهر.

 

وقدّر عدد الكينيين الذين هم بحاجة للمساعدة الغذائية بـ 1.6 مليون في شهر مايو الماضي.

 

وبحسب المقالة فستكون كل من توركانا، مارسبيت، ومناطق من بارينغو، وواجير وجاريسا ونهر تانا وإسيولو أكثر المناطق المتضررة من نقص المواد الغذائية.

 

من جانبها وجهت سلطة إدارة الجفاف الوطنية في آخر تقرير لها اللوم في النقص للجفاف الذي ضرب عدة مناطق في كينيا خلال هذه السنة.

 

وبدأ الكينيون بالفعل يشعرون بالخطر مع ارتفاع ثمن كيس واحد من 2 كغ من طحين الذرة إلى 124 شلن.

 

وبلا شك إن لم يتم التحرك سريعا فإن البلاد ستقع قريبًا في أزمة غذائية رئيسية وستظهر معها  حالات الجوع والغضب لدى الكينيين.

 

وستغزو فضاء الإعلام في كينيا صور الأطفال وقد هزلت أجسادهم وارتفعت أصواتهم بالبكاء يتشبثون بآبائهم النحيفين العاجزين بحسب ما وصفت الصحيفة.

 

وأضافت الصحفية: “من المؤكد أن الحكومة قد بذلت أقصى جهدها في تحسين الوضع، مع وزير التفويض أوجان وامالوا يتنقل من مقاطعة ضربتها المجاعة إلى الأخرى التي تفتقد الحصص الغذائية وفي ذات الوقت يؤكد أن الكينيين لن يموتوا من الجوع”. في إشارة إلى استهانة الوزير بالخطر الذي يهدد البلاد.

 

وبغض النظر عن تطمينات الوزير، فقد أفادت التقارير أن عددا من الكينيين بالفعل استسلموا للجوع في وقت مبكر من هذه السنة، لكن الحكومة سريعًا ما أنكرت ذلك.

 

وحذرت الصحيفة من أن حصص التأمين الغذائي لا تمثل شيئا وأنه من الواضح جدا أن مخزون الذرة – الغذاء الرئيسي في كينيا- سينفذ قريبا، لذلك فمن الضروري أن تبحث الحكومة عن حل.

 

وعن أسباب هذا التأخير في التعامل مع الأزمة، أوضحت الصحيفة أنها السياسات والفساد الذي أحاط بعملية استيراد الذرة.

 

وانتقدت الصحيفة بقاء الوزارة مترددة بشأن فتح باب استيراد الذرة دون فرض ضرائب عليها بعد أشهر من توجيه وزير الزراعة “موانجي كيونجوري” تحذيرًا يؤكد أن مخزون الذرة غير كافٍ.

 

وحذرت الصحيفة من أنه ليس هناك حاجة للتأخير أكثر من ذلك بالنظر لحالة المخزون الغذائي والخطر الذي يتوعد 2 مليون كيني مهددون بالجوع. وأكدت أن على الحكومة أن تتحرك بسرعة قصوى لضمان ألا يموت أحد بسبب نقص الغذاء.

 

وتؤكد تقارير أن الحكومة الكينية قد أطلقت مفاوضات مع تنزانيا المجاورة في يونيو / حزيران الماضي لاستيراد مليون كيس من الذرة.

 

ولكن العملية بحسب الصحيفة يجب أن تسرع حتى تصل الذرة قبل أن تبلغ المشكلة مستويات الأزمة.

 

وحتى لو تحركت الحكومة لإنقاذ الكينيين من الجوع، ترى الصحيفة أنه من الضروري أن تقيّم الحكومة مرة ثانية استراتيجياتها للاطمئنان من أن البلاد ستحقق حلمها في تأمين الغذاء.

 

واعتبرت الصحيفة من المحزن والمخزي أنه بعد 56 عامًا من الاستقلال، في بلاد تتبجح بميزانية هي أكبر من ميزانية شعوب شرق إفريقيا جميعها معا ثم لا يمكن للعوائل الكينية أن تبعد الذئب عن الباب في إشارة إلى عجز البلاد عن تأمين الغذاء وطرد شبح المجاعة.

 

وترى الصحيفة أن ما هو واضح بشدة أن الكينيين لا يعانون من الجوع بسبب الجفاف أو لتغير في المناخ أو لقلة السياسات أو المال، إنما ترجع معاناتهم للفساد. هذا الوحش الذي يجب أن نأخذ بقرونه لضمان تأمين الغذاء في كينيا على حد تعبير الصحيفة.

 

فللحكومة سياسات فاخرة والتي إن تم تطبيقها يمكننا توفير ما يكفي من غذاء لكل كيني وسيبقى ما يمكن تصديره كفائض. ولكن الفساد وسوء الإدارة لن يسمحان بذلك بحسب ما أوضحت الصحيفة.

 

واستشهدت الصحيفة بالخمس عشرة مليار لمزرعة غالونا كالولا النموذجية التي انهارت جزئيا بسبب تدخلات المتعاقد الإسرائيلي لاحتكار المشروع.

 

ولا يزال الكينيون يقرأون في الأخبار عن 21 مليار تم اختلاسها كانت خصصت لبناء سدود “أرور و”كيماورير” في “إلجيو ماركاوات”. بالإضافة لذلك يخسر المزارعون الأراضي الخصبة بشكل دائم بسبب الاحتكارات التي تعيد بيع المدخول للمزارعين بأثمان باهضة.

 

وختمت الصحيفة مقالتها بقول: “حتى  يتم استئصال الفساد (في كينيا) سيبقى تأمين الغذاء مجرد سراب لعقود مقبلة”.