الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس يختبر اتفاقات “أبراهام”

تواجه علاقات المغرب الودية مع الاحتلال الإسرائيلي رد فعل عنيف من المواطنين المؤيدين للفلسطينيين مع تجديد السودان للعلاقات مع إيران بحسب صحيفة فورن بوليسي التي رصدت تجاوب المغرب والسودان مع الحرب في فلسطين المحتلة.
وبحسب الصحيفة أدان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط “العنف، ولكن من جميع الأطراف”، وسافر الغيط، وزير الخارجية المصري السابق، خلال السنوات الأخيرة من رئاسة حسني مبارك، إلى موسكو يوم الأحد لمناقشة الوضع في غزة مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.  واتفقوا على الشراكة “لوقف إراقة الدماء”.
وقالت القاهرة، التي لعبت تاريخيا دور الوسيط بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس، إنها حذرت “إسرائيل” من تصعيد محتمل من جانب حماس في غزة بينما تركز “إسرائيل” على العنف في الضفة الغربية، “لقد حذرناهم من أن انفجار الوضع قادم، وقريبا جدا، وسيكون كبيرا، لكنهم قللوا من شأن مثل هذه التحذيرات”، بحسبما قال مسؤول مصري لوكالة أسوشيتد برس. ونفت الحكومة الإسرائيلية هذه التحذيرات، مدعية أنها “كذبة كاملة”.
وقتل 1856 يهودي وأكثر من 3000 فلسطيني منذ يوم السبت، ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الأهداف المدنية في غزة  بشكل مباشر ما أدى إلى مقتل عدد كبير من الأطفال والنساء.
وقد جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من تعزيز “اتفاقيات أبراهام” التي توسطت فيها الولايات المتحدة أولوية قصوى، وحاول الضغط على الدول الأفريقية لإنشاء سفارات – بشكل مثير للجدل – في القدس. ولكن في حين أن الاتفاقات عملت على الحد من العداء الرسمي لـ”إسرائيل” من الدول الموقعة، إلا أن الاتفاق كان له تأثير محدود على الرأي العام المؤيد للفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط بحسب الصحيفة، وأثار قرار أحادي الجانب اتخذه فقي من الاتحاد الأفريقي باستعادة مكانة الاحتلال الإسرائيلي كمراقب ضجة وأدى إلى إقالة غير رسمية في فبراير لكبير مندوبي الاحتلال الإسرائيلي في قمة الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا. بحسب الصحيفة.
وأدت الحرب المدمرة في السودان إلى تعقيد علاقاته مع الاحتلال الإسرائيلي. ووافق السودان يوم الاثنين على تبادل الوفود الرسمية واستعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران المتحالفة مع حماس.  وكان السودان قد قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران في عام 2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران، بحسب الصحيفة.
وتعهد نتنياهو بأن “إسرائيل”، “سترد على نيران بحجم لم يعرفه العدو، سيدفع العدو ثمنا غير مسبوق”، وقد دفعت هذه الكلمات المغاربة إلى التظاهر في العاصمة الرباط دعما لفلسطين والتصدي للتطبيع مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة بحسب الصحيفة.
واتخذت العديد من الجماعات الإسلامية وتلك الموجودة على اليسار موقفا مختلفا تجاه الحكومة المغربية وأشاد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المغربي، الذي كان يتمتع بأغلبية برلمانية حتى انتخابات 2021، بهجوم حماس باعتباره “رد فعل طبيعي ومشروع على الانتهاكات اليومية”.
وتكافح الرباط لمواءمة الدعم القوي للاحتلال الإسرائيلي ضد المعارضة الداخلية وقام البلدان بتطبيع العلاقات مقابل الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها، حيث تسعى جبهة البوليساريو إلى الاستقلال. ومنذ الاتفاق، كثف المغرب مشترياته من الطائرات بدون طيار وغيرها من المعدات العسكرية من “إسرائيل”، في سباق تسلح مع منافسته الجزائر، التي تدعم فلسطين والبوليساريو. بحسب الصحيفة.
وقال ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن النظام الملكي المغربي بذل جهودا متضافرة للخلط بين الصراع بين “إسرائيل” وإيران وحماس وصراعه في الصحراء الغربية، “هناك فكرة يروج لها المغاربة بأن جبهة البوليساريو لها علاقات مع إيران وأن الجزائر لديها علاقات مع إيران وبالتالي قتال المغرب في الصحراء الغربية يشبه أو يشبه قتال إسرائيل ضد إيران، ومن الواضح أن هذا خيالي تماما”… بحسب ما نقلت الصحيفة.
وقال فابياني: “هناك القليل جدا من الأدلة على وجود أي صلة بين جبهة البوليساريو والجزائر من جهة، وإيران ووكلائها من جهة أخرى، لكنها رواية اكتسبت قدرا كبيرا من الجاذبية في إسرائيل”.
إن الربط بين التطبيع والصحراء الغربية جعل من الصعب على العديد من المغاربة معارضة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية علنا، “لا تزال هناك هذه الأصوات المعارضة، ولكن أصبح من الصعب عليهم بشكل متزايد التعبير عن أنفسهم… لقد تقلصت الأماكن العامة حقا”، وفي المقابل، ساهم موقف المغرب في ترسيخ دعم الجزائر للقضية الفلسطينية. بحسب الصحيفة.
في الأشهر الأخيرة، كانت هناك محادثات بأن اتفاقيات “أبراهام” والتطبيع المحتمل للعلاقات بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية يمكن أن يقود مصر والمغرب إلى التوسط في وقف التصعيد في الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وحماس. ولكن مع انتشار القتال واحتمال إعادة احتلال “إسرائيل” لغزة، فإن ذلك تذكير صارخ بأن اتفاقيات “أبراهام” لن تجلب السلام، بحسب الصحيفة.