الرئيس الصومالي يتراجع ويعترف بأن انسحاب قواته من جلجدود يرجع للهزيمة التي تكبدوها في هجوم حركة الشباب على قواعدهم في عوسويني

في تصريح جديد لرئيس الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، حسن شيخ محمود، تراجع الأخير عن تكذيب الحقائق، واعترف لأول مرة بشكل صريح بهزيمة قواته في هجوم مقاتلي حركة الشباب المجاهدين على القواعد العسكرية للقوات الخاصة الصومالية والميليشيات الحكومية  في بلدة عوسويني يوم السبت الماضي في ولاية جلجدود وسط الصومال.
وأكد الرئيس الصومالي أن هزيمة قواته في هذا الهجوم كانت وراء انهيار جنوده في باقي مناطق ولاية  جلجدود.
وقُتل في هذا الهجوم أكثر من 178 من القوات الخاصة الصومالية والميليشيات الحكومية وأسر عدد آخر وتم الاستيلاء على جميع محتويات القواعد العسكرية في البلدة إضافة إلى إطباق سيطرة مقاتلي الحركة الكاملة عليها.
ووثقت مؤسسة الكتائب – الجناح الإعلامي لحركة الشباب المجاهدين- انتصار مقاتلي الحركة الذي وصفه مراقبون بـ”المؤلم للغاية” للحكومة، ونشرت الكتائب الصور والتسجيلات التي تظهر قتلى القوات الحكومية والأسرى والغنائم التي استولى عليها مقاتلو الحركة.
وقال حسن شيخ خاضعا للحقيقة: “قبل أيام حدثت مشكلة كبيرة، ومن قبلها تعرضنا لهزائم متتالية، وهذا من المؤسف، ولا نحب أن نخفي الحقيقة، ففي آخر ساحة قتال بيننا وبين حركة الشباب التي كانت في بلدة عوسويني، وكنا أكثر عددا منهم، ولكن نقر كحكومة أننا وقعنا في أخطاء عديدة، وللأسف استفادت حركة الشباب وغيرها من أخطائنا”.

 

تأثير الأمهات في انسحاب القوات الحكومية

 

وأضاف الرئيس الصومالي مسلطا الضوء على حالة الهلع التي أصابت الجنود وعائلاتهم وزملائهم بعد هجوم الحركة في عوسويني:”.. حتى وصل الأمر إلى إرسال صور جثث جنودنا القتلى إلى أمهاتهم، وقيل لهم هذه نهاية أولادكم، وكانت ردة فعل الأمهات أن اتصلوا بمن تبقى من أبنائهم، أي جنودنا في ساحات القتال، وطلبن منهم أن ينجوا بأنفسهم، وكانت النتيجة انهيار الجنود في مناطق لم تشهد حتى أية معارك، والحقيقة أن قواتنا هزمت في معركة عوسويني أما ما حدث في باقي المناطق فكان تبعا لما حدث في عوسويني”.

 

“قواتنا كانت بحاجة لاستراحة”

 

وحاول حسن شيخ أن يداري الهزيمة الفاضحة لقواته في جلجدود ويجد لها مبررات فقال:”وهناك أمر آخر، لقد مكثت قواتنا في ساحات القتال لمدة أكثر من سنة، ولم يجدوا أية فرصة للاستراحة، ومنذ اليوم الأول كانوا يتعرضون للهجمات والتفجيرات من مقاتلي حركة الشباب، فضعفت همتهم للقتال، ونحن لم يكن لدينا لا الوقت ولا القوة لإعطائهم الفرصة للاستراحة حيث لم يتبق لدينا قوات يمكنها أن تسد أماكنهم في حال استراحتهم، وبعد ما حصل في عوسويني قررنا أن نعيدهم إلى قواعدهم في مقديشو ليستريحوا ولنعطيهم التوعية المناسبة حتى لا يفروا مجددا من ساحات القتال، ولنكمل استعدادهم ولنعطيهم الأموال والرتب لتشجيعهم، وفي الحقيقة اليوم حريتنا على المحك وبقاء دولتنا على المحك”.

 

قوات أتميس تخرج على الرغم من المناشدات الحكومية

 

واعترف الرئيس الصومالي أن حكومته ناشدت قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال “أتميس” لتمديد موعد انسحابها من البلاد إلى غاية ديسمبر 2023، بدل شهر سبتمبر 2023، لكن خلال هذا الشهر الجاري، سيتم سحب 3000 جنديا من قوات أتميس، تماشيا مع خطة سحب القوات التي تم الاتفاق عليها.
كما اشتكى حسن شيخ من أن أتميس لم تحصل على تسهيلات بما في ذلك طائرات الهيلكوبتر، التي كان من المتوقع أن تحصل عليها لدعم عملياتها في الصومال، وفي شهر يونيو 2023، تم سحب 2000 جندي من قوات أتميس من البلاد.
وتأتي شكاويه هذه بعد تصريحات سابقة أكد فيها حسن شيخ قدرة قواته على استلام مسؤولية القواعد العسكرية لأتميس بعد انسحابها، وتكفل جميع العمليات الأمنية والعسكرية في الصومال. وهو ما يشكك فيه بشدة المراقبون.

 

مطالبة بإبعاد وزير الدفاع الحالي

 

من جانبه حذر رئيس إدارة هيرشبيلي السابق، محمد عبدي واري، الذي يعمل حاليا كمستشار رئاسي، حذر من أن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يجب ألا يسمح لوزير الدفاع عبد القادر محمد نور بالمشاركة بنشاط في خطوط القتال في البلاد.
وقال مخاطبا حسن شيخ: “لا تحضر هذا الرجل وفريقه والمسؤولين عن قواعد عوسويني وجلعد إلى غاية محاس، لأن الأمور لن تكون نهايتها جيدة”. دون أن يقدم مزيد تفاصيل لسبب تحذيره.

 

عودة عيل بور ليد حركة الشباب ضربة للحكومة

 

واعتبر مراقبون انسحاب القوات الحكومية من مدينة عيل بور بولاية جلجدود على إثر الهزيمة في عوسويني، ضربة للحكومة، لكونها منطقة استراتيجية جدا بالنسبة لولاية جلمدوغ، وهي من أقدم المدن في ولاية جلجدود، منذ فترة الاحتلال الأوروبي للبلاد، وقد بقيت تحت سيطرة مقاتلي حركة الشباب المجاهدين لأكثر من عقد ونصف عقد.
يذكر أن سكان مدينة عيل بور وكذلك السكان في عدة مناطق من ولاية جلجدود يرفضون أن تحكمهم الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب ويخرجون جميعا تاركين خلفهم منازلهم ومصالحهم حين يسمعون خبر تقدم القوات الحكومية وانسحاب مقاتلي الحركة التكتيكي. وهي حالة نادرة في العالم أن ينسحب السكان جميعا من مدينتهم لإعلان معارضتهم لسلطة الحكومة ولإظهار إصرارهم على أن يحكمهم نظام الشريعة الإسلامية.
وقال أحد المراقبين المقيمين في ألمانيا، في برامج مكافحة ما يسمى الإرهاب، بحسب ما نقلت صحيفة نايشن، أن حركة الشباب تحكم المناطق ببقائها قريبة من الشعب وما يشغلهم من هموم، وهو ما تحتاجه الحكومة الصومالية، التي على قواتها الأمنية أن تبدي تعاملا جيدا مع السكان لأنه مصيري لتحقيق سيطرتها.
يأتي هذا التصريح بعد تنديد السكان في جلعد بعد عودتهم إلى مدينتهم، بسلوكات القوات الحكومية التي نهبت ممتلكاتهم ودنست مساجدهم، وقال رئيس قبيلة من قبائل جلعد في حوار مع صحافة محلية بعد عودتهم إلى مدينتهم التي عادت لسيطرة حركة الشباب: “لا يمكن أن يفعل ذلك مسلم في بيت من بيوت الله تعالى”.
التحديات أمام الحملة الثانية للحكومة
وفي الوقت الذي تتحدث فيه إدارة حسن شيخ عن الحملة العسكرية الثانية على مناطق جنوب الصومال حيث تسيطر حركة الشباب المجاهدين، وهي الحملة التي طال الإعلان عنها دون تقديم تفسيرات لسبب تأخيرها، وجاء الحديث عنها من جديد بعد انسحاب القوات الحكومية من وسط الصومال، يرى المراقبون بحسب صحيفة نايشن، أن المرحلة الثانية تحفها التحديات، حيث أنها تأتي في الوقت الذي تسحب فيه قوات أتميس 3000 من قواتها قبل نهاية شهر سبتمبر الجاري.
كما أن القبائل في هذه المناطق – كما في وسط الصومال – لا تثق في قدرة الحكومة على حكمها أو توفير الأمن لها ما يجعلها أكثر تمسكا بخيار حكم حركة الشباب ونظام الشريعة الإسلامية الذي ألفوه ونعموا ببركاته من أمن وعدل واستقرار.
وأشارت الصحيفة إلى أن حركة الشباب أثبتت قدرتها بنجاح على استرجاع السيطرات التي تخرج من يدها، وأشارت إلى أن استعادة مقاتلي الحركة السيطرة على مدن وبلدات في ولاية جلجدود تزامن مع مقتل رئيس الاستخبارات الصومالية “نيسا” في منطقة دولو في ولاية جدو، جنوب غربي البلاد، إبراهيم هيلولي حسين. حيث قتل على يد زوجته التي تزوجها حديثا. ما يشير إلى أن قادة الاستخبارات في الحكومة ليسوا بأمان حتى في مناطقهم وداخل بيوتهم، فليست فقط حركة الشباب التي تعارض هذه الحكومة الفاسدة بل أيضا الشعب الصومالي.

 

السيطرة على قوريولي

 

وفي الوقت الذي لا يزال يتكرر فيه الحديث عن حملة عسكرية ثانية للحكومة على جنوب الصومال، شن مقاتلو حركة الشباب مساء أمس الجمعة هجوما من اتجاهات عدة على مدينة قريولي في إقليم شبيلي السفلى المجاور للعاصمة مقديشو.
وأفاد شهود عيان بأن مواجهات عنيفة دارت بين مقاتلي حركة الشباب والقوات الحكومية بدعم من قوات الاتحاد الأفريقي المتمركزة في الجزء الشرقي من المدينة.
وأكدت حركة الشباب سيطرتها على بشكل كامل المدينة لفترة كما تمكنت من الاستيلاء على كمية كبيرة من الأسلحة والذخيرة من القوات الصومالية وتكبيدها خسائر في الأرواح.
وجاءت سيطرة مقاتلي الحركة على المنطقة الاستراتيجية في ولاية شبيلي السفلى والتي تقع فيها قواعد عسكرية للقوات الأوغندية التابعة لأتيمس، كتحدي من حركة الشباب التي تؤكد على عزمها طرد هذه القوات من أراضي الصومال.
من جانبه أكد رئيس قوات أتميس، سام أوكيدينغ أن قواته ستبقى تدعم الحكومة الصومالية إلى غاية تاريخ خروجها المرتقب في ديسمبر 2024.
وتقاتل حركة الشباب المجاهدين لإسقاط الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب وطرد قوات التحالف الدولي المساند لها وقطع حبال الهيمنة الغربية وإقامة نظام الشريعة الإسلامية الشامل والمستقل في البلاد.