الحكومة الصومالية تعلن موعد خروج القوات الإثيوبية من الصومال وولاية جنوب غرب تعترض

حددت الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب موعدا نهائيا للانسحاب الكامل لجميع القوات الإثيوبية من الصومال بحلول نهاية ديسمبر 2024. ويأتي هذا الإعلان وسط توترات مستمرة بين مقديشو وأديس أبابا بشأن مذكرة تفاهم ميناء أديس أبابا وقاعدتها البحرية مع صومالي لاند، المنطقة الانفصالية في الصومال.
وأكد مستشار الأمن القومي الصومالي، حسين معلم الموعد النهائي، مسلطا الضوء على تصميم الحكومة على رؤية جميع القوات الإثيوبية المتمركزة في البلاد تغادر بحلول نهاية هذا العام. وتم الإعلان عن هذا الإعلان من خلال العديد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي . مما يعكس التزام الحكومة بهذا التوجه السياسي الجديد. بحسب الصحافة الموالية للحكومة.
ويأتي هذا الإعلان بعد فترة من العلاقات المتوترة بين الحكومة الصومالية  وإثيوبيا، خاصة بعد أن وقعت أديس أبابا مذكرة تفاهم مثيرة للجدل مع صومالي لاند، وهي خطوة لا تزال جارية بين إثيوبيا وصومالي لاند.
وسمحت مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في يناير 2024، الإثيوبيا بتطوير قاعدة بحرية على ساحل صومالي لاند. وهي خطوة هزت القرن الأفريقي وأثارت مخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي. واعتبر الصوماليون ذلك تهديدا مباشرا لسلامة الصومال الإقليمية.
ومن المتوقع أن يكون لانسحاب القوات الإثيوبية آثار هامة على الحالة الأمنية في الصومال. وكانت القوات الإثيوبية جزءا من بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال أتميس. وتعمل على حماية الحكومة الصومالية المهشة من تهديد حركة الشباب المجاهدين، ومن المحتمل أن يؤدي الانسحاب إلى فراغ أمني، مما يشير لعودة حركة الشباب للسيطرة الكاملة على البلاد.
وخشية ذلك طلبت الحكومة المدعومة من الغرب إيفاد بعثة جديدة بعد بعثة الرصد الآلي لتعمل كقوة جديدة في البلد بعد المرحلة الانتقالية. ومن المتوقع تقديم اقتراح هذه المهمة الجديدة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نهاية آذار/مارس 2024.
ومع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب القوات الإثيوبية، ستتجه كل الأنظار إلى الصومال وإثيوبيا المعرفة كيف سيؤثر هذا التطور على الديناميات الأمنية والسياسية الأوسع نطاقا في القرن الأفريقي.

سيادة بلا سيادة

ومنذ ما يقرب من عقدين من الزمن تعمل قوات الدفاع الإثيوبية في بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (أتميس) حيث تساهم بحوالي 4000 جندي. وبفضل هذه القوات تمكنت الحكومة الصومالية من البقاء في مناطقة جنوب غرب الصومال.
ويرى المراقبون من المثير للسخرية أن تتحدث حكومة حسن شيخ محمود عن سيادة صومالية تنتهكها إثيوبيا بتوقيع الاتفاقية مع صومالي لاند، بينما هي لا تتمكن من البقاء كحكومة في الصومال إلا باستجدء تدخل القوات الدولية والتي منها القوات الإثيوبية التي تعتبر الاحتلال اللدود للشعب الصومالي.
حيث أن خلاف الحكومة مع أديس أبابا لم يكن لرفضها أن تمتلك إثيوبيا موطئ قدم على البحر الصومالي وإنما لعدم إشراكها في هذه الصفقة من بيع ثروات الصومال واتجاه أديس أبابا للإقليم الانفصالي صومالي لاند.
وسبق أن ذكرت أديس أبابا الحكومة الصومالية بتضحيات جيشها في حربه ضد حركة الشباب المجاهدين وذكرت مقتل آلاف الجنود على يد مقاتلي الحركة لأجل أن تتمكن الحكومة في الصومال في وقت هي عاجزة عن تحقيق أدنى سيطرة بدون دعم دولي وتواجد قوات أجنبية.
واليوم تتحدث الحكومة الصومالية عن سيادة لا تمتلكها وتعادي دولة كانت السبب في بقائها في الصومال. وهي حكومة غير شرعية جلبت قوات الاحتلال للصومال وقدمت لهم حصانة يسفكون دماء الشعب الصومالي دون أدنى محاسبة وينهبون ثرواته دون أدنى اعتراض مقابل أن يعترفون بها حكومة شرعية للصومال.
وبدأت قوات أتميس في الانسحاب بشكل استراتيجي من البلاد مع المجموعة التالية التي من المقرر أن تغادر هذا الشهر. بالفعل، غادر 5000 جندي العام الماضي، وهذا الشهر، من المتوقع أن يغادر 5000 جندي إضافي البلاد وفقا لأتميس.
وبحلول كانون الأول / ديسمبر، يتوقع المعهد أن ينفذ الخطة الانتقالية الصومالية تنفيذا كاملا. وبصرف النظر عن إثيوبيا . ساهمت كينيا وبوروندي وأوغندا وجيبوتي بقوات في أتميس ولكن من المتوقع أن يواصل عدد منهم حضوره العسكري في البلاد بعد المهمة.
ولدى الشعب الصومالي ذكريات دامية من الغزو الإثيوبي الوحشي الذي أسقط اتحاد المحاكم الإسلامية قبل ظهور حركة الشباب المجاهدين لمنع وجود نظام إسلامي شامل ومستقل في الصومال، وتم الغزو بإيعاز ودعم وتشجيع أمريكي.
لكن حركة الشباب المجاهدين، الذراع العسكرية لاتحاد المحاكم تمكنت من دحر الاحتلال الإثيوبي وطرده من أغلب البلاد لكن التحالف الدولي رجع بتحالف الاتحاد الإفريقي وقدم دعما جويا مكثفا لمنع بقاء الحركة الجهادية في حكم العاصمة مقديشو وبقية المدن الكبرى وقد رجعت القوات الإثيوبية تحت هذه الاستراتيجية الجديدة التي لم تتمكن من هزيمة الحركة وهي تتخبط الآن للخروج بدون أن تجد حكومة قادرة على الاستقلال بأمنها كما كان الحال مع حكومة أفغانستان الهشة التي انتهت بسقوط سريع، سيطرت على إثره حركة طالبان على كل أفغانستان وهو السيناريو الذي يخشاه الغرب في الصومال.

ولاية جنوب غرب البلاد ترد على الحكومة

من جانبها تناولت وزارة الأمن الداخلي في ولاية جنوب غرب البلاد موضوع القوات الإثيوبية علنا ودحضت مزاعم حسين معلم ، مستشار الأمن القومي للرئيس الصومالي، فيما يتعلق بدور القوات الإثيوبية في مهمة ما بعد بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال أتميس.
وقوبل معلم، الذي أعلن انسحاب القوات الإثيوبية بحلول ديسمبر 2024 ، بمعارضة قوية من وزارة الدولة الجنوبية الغربية. وشددت الوزارة على المساهمات الكبيرة التي قدمتها قوات الدفاع الوطني الإثيوبية في إطار نظام أتميس والتزامها المستمر بجهود منع الصعود الإسلامي في الصومال.
ويؤكد موقف وزارة الخارجية الجنوبية الغربية ضد تصريحات المعلم على الديناميات الأمنية المعقدة التي تشهدها الصومال حاليا، سواء خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت انسحاب قوات “أتميس” أو في أعقاب هذا التطور الهام.
وتسيطر القوات الإثيوبية على مساحات شاسعة من الأراضي في الصومال، لا سيما في منطقتي باي وباكول الواقعتين تحت الولاية الجنوبية الغربية. وكان وجودهم مصيريا في الحرب ضد حركة الشباب المجاهدين.
وتتكون القوات الإثيوبية من جزأين، أحد هما تحت إشراف بعثة الاتحاد الأفريقي أتميس  والبعض الآخر يعمل في البلاد بموجب اتفاق أمني بين البلدين. وتعتمد الحكومة الصومالية إلى حد كبير على القوات الإثيوبية، لأنها تعمل في أخطر المناطق.
ومع استمرار تطور الوضع يبقى أن ترى تأثير هذا النزاع بين الولاية الجنوبية الغربية والحكومة الصومالية على المشهد الأمني الأوسع في الصومال.