الاتحاد الإفريقي يوافق على طلب الحكومة الصومالية تأجيل سحب قوات “أتميس” ولكن بشروط

وافق الاتحاد الإفريقي على طلب الحكومة الصومالية المدعومة من الغرب، تأجيل انسحاب قواته “أتميس”، المقرر في شهر سبتمبر لمدة 3 أشهر أخرى، حتى تتعافى القوات الحكومية من هزائمها وانسحاباتها أمام حركة الشباب المجاهدين، ولكن بشروط.
واشترط الاتحاد الإفريقي أن تتكفل الحكومة الصومالية بتكاليف بقاء القوات لهذه الأشهر الثلاث، لكونها تفتقد للتمويل اللازم لتغطية هذه التكاليف.
وتعاني بعثة أتميس من عجز الممولين الدولين على رأسهم الاتحاد الأوروبي من سد تكاليف بقاء البعثة في الصومال، وخاصة أنها لا تحرز التقدم الذي كانت ترجوه منذ انتشار قواتها في الصومال.
ومن أسباب عجز التمويل، الحرب بين روسيا والغرب في أوكرانيا، التي عجز التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة عن حسمها لصالحه. ولا تزال تستنزف خزائن الاتحاد الأوروبي. فضلا عن تداعيات كورونا على الاقتصاد العالمي.
ومع أن الاتحاد الإفريقي رحب بطلب الحكومة الصومالية ويتفق مع ضرورة بقاء قواته في الصومال، إلا أن عائق التمويل لا يزال مستمرا.
وكانت كل من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وجيبوتي – وهي دول تشارك في بعثة أتميس بقوات- قد رحبت كل منها بطلب الحكومة واتفقت مع ضرورته، إلا أنها أكدت أيضا على ضرورة توفر التمويل لدفع تكاليف القوات.
ويتقاضى الجندي الواحد من قوات أتميس 1027 دولار، تخصم منها حكومته 200 دولار لتكاليف إدارية. وتدفع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، 50 ألف دولار لكل أسرة فقدت جنديا لها من قوات أتميس في الصومال.
وقد أكدت تقارير أن بعض الكتائب من أتميس أبيدت بشكل كامل في هجمات مقاتلي حركة الشباب عليها ولم يعد منها أي جندي.
ومن تلك الهجمات هجوم مقاتلي الحركة على قاعدة القوات الأوغندية في بولومرير بولاية شبيلي السفلى، جنوب الصومال، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 200 من القوات الأوغندية وقائدهم الأعلى وأسر عدد آخر.  فقضى مقاتلو حركة الشباب في هجوم واحد على كتيبة كاملة من القوات الأوغندية، من قوات أتميس، التي تعتبر من أقوى القوات الإفريقية في البعثة.
وأرسلت الحكومة الصومالية طلبها بتأجيل سحب القوات بشكل مباشر إلى مجلس الأمن للأمم المتحدة، ورد عليها بأن الطلب من المفروض أن يرسل بداية إلى الاتحاد الإفريقي المسؤول المباشر للبعثة في الصومال، وبالحصول على موافقته يمكن العودة لمجلس الأمن. ووعد بضمان تقديم الدعم اللوجستي للقوات المعنية لمدة شهر واحد.
ولم تؤكد بعد الحكومة الصومالية، إن كانت ستتمكن من جمع تكاليف بقاء 3000 من قوات أتميس لمدة 3 أشهر في الصومال، ولكونها تعيش على الدعم الدولي وتفتقر للموارد التي تقوم عليها الحكومات، فغالبا ستبحث عمن يؤمّن لها هذه التكاليف وإلا فإن القوات ستنسحب بدون تمويل.
ويأتي طلب التمويل ليسبب إحباطا للحكومة الصومالية التي لطالما اعتمدت على المجتمع الدولي في دفع تكاليف إدارتها وعملياتها العسكرية، ما يبدو أن المجتمع الدولي قد تعلم درسا من أفغانستان، حيث كانت تحظى الحكومة الأفغانية بالدعم الكبير والتمويل المستمر، ما جعلها عاجزة عن الاكتفاء الذاتي، وكان ذلك من أسباب الانهيار السريع للحكومة والقوات الأفغانية التي أسستها القوات الأمريكية والتحالف الدولي.
والسيناريو نفسه في الصومال، إلا أن المجتمع الدولي أصبح أكثر حذرا من دعم كامل لحكومة هشة قابلة للانهيار في أي لحظة يتوقف فيها الدعم.
وتعاني القوات الحكومية من خسائر كبيرة في حملتها العسكرية على وسط الصومال، حيث تكبدت في هجوم واحد لمقاتلي حركة الشباب المجاهدين في “عوسويني” بولاية جلجدود وسط الصومال، على قواعد قواتها الخاصة التي دربتها تركيا، ما يصل إلى أكثر من 23 مليون دولار ذهبت بشكل غنائم ليد مقاتلي الحركة.
ويرى الممولون للحكومة الصومالية كيف تنتهي أموالهم ومعداتهم وآلياتهم العسكرية بيد من يحاربونهم بكميات كبيرة. حيث يحرص إعلام حركة الشباب على توثيق الاستيلاء على كميات الأسلحة والذخائر والمعدات والآليات العسكرية في كل هجوم بالصور والتسجيلات الحية.
وتعاني الحكومة الصومالية من الفساد المستشري، حيث تصنف كأفسد حكومة على سلم الفساد العالمي. وتنتقد التقارير الغربية الحكومة لكونها لا تمتلك أدوات الحكم الفعال ولا يمكنها أن تعوض الفراغ الذي تتركه الحركة حين تنسحب من مناطقها. ما يجعل من عودة هذه المناطق لسيطرة الحركة مسألة وقت قصير.
ومن المتوقع أن تنسحب القوات الدولية بشكل كامل من الصومال في شهر ديسمبر 2024.
وكانت كينيا قد أكدت خروج قواتها مع قوات أتميس في هذا التاريخ ورفضت الكشف عن عدد قتلاها الذين قتلوا في هجمات حركة الشباب المجاهدين خشية أن تُستعمل هذه الإحصائيات في دعاية مضادة لكينيا من “أعدائها والإرهابيين” بحسب تصريحات وزارة الدفاع الكينية.
ويشن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبتوظيف الحكومة الصومالية العميلة، حربا على حركة الشباب المجاهدين لمنع إقامة نظام الشريعة الإسلامية ولضمان بقاء الصومال تحت وطأة الهيمنة الغربية وبنظام ديمقراطي يلبي إملاءات النظام الدولي.
وتقاتل حركة الشباب المجاهدين لإسقاط الحكومة الصومالية التي أقامها الغرب في الصومال ولطرد قوات التحالف الدولي المساند لها ولقطع حبال الهيمنة الغربية، وإقامة نظام الشريعة الإسلامية الشامل والمستقل في البلاد.
ولا يزال الصراع مستمرا بين الغرب ونظامه الديمقراطي وحركة الشباب ونظام الشريعة الإسلامي منذ أكثر من عقد ونصف العقد من الزمان.